اثر المخدرات على الشباب
تمهيد:-
تعدّ
المخدرات آفة اجتماعية خطيرة، رافقت البشرية منذ القدم وتطورت بتطوره حتى أصبحت من
أبرز الظواهر الاجتماعية الراهنة وإحدى مشكلاتها المعاصرة، كما بدأت تقلق المجتمع العالمي
بكافة فئاته واتجاهاته وتقضُ مضجعه وتهدد حضاراته وتسبب له الحيرة والإرتباك في وقف
هذا السيل الجارف من الويلات والآلآم التي تجتاح المجتمعات البشرية النامية والمتطورة
على حدّ سواء.( السعد ،1996: ص11)
رغم
خطورة تعاطي المخدرات داخل أيّ مجتمعٍ من المجتمعات وما تتركه من آثارٍ نفسيةٍ واجتماعيةٍ
واقتصاديةٍ مدمرةٍ على الفرد والمجتمع، إلا أنها أصبحت تؤرق جميع المهتمين بها في المجتمع
كالقيادات الإمنية التي لها تماس مباشر مع مثل هذه الآفه الخطيرة، وكذلك علماء الاجتماع
وعلماء النفس ورجال الدين، من اجل احتوائها والحدّ من مخاطرها.
إلا
أن ما يهمنا في هذا البحث الوقوف على أهم الإسباب المؤدية لتعاطي المخدرات، حيثُ أن
فهمنا الصحيح للإسباب يقودنا للتعرف على الإثار الاجتماعية والاقتصادية لتعاطي المخدرات
لما لها من نتائحٍ خطيرة على الأفراد والأسرة والمجتمع مما يتطلبُ من الباحثين والدراسين
والعاملين في الحقل الاجتماعي على وجه التحديد بذل المزيد من الجهود في سبيل معالجة
الظاهرة والتقليل من مخاطرها الكامنة والظاهرة.
مشكلة البحث:-
تعتبر
مشكلة تعاطي المخدرات من المشكلات التي تؤثر في بناء المجتمع وأفراده لما يترتبُ عليها
من أثارٍ اجتماعية واقتصادية سيئةٍ تؤثر على الفرد والمجتمع، كما أنها ظاهرة اجتماعية
مرَضيةً تدفع إليها عوامل عديدةً بعضها يتعلق بالفرد والبعض الآخر بالأسرة والثالث
بالبناء الاجتماعي ككل ممّا يشكل تهديداً لكيان المجتمع، ويساهم في عرقلة البناء الاجتماعي
والتنمية الاقتصادية.
في
هذا الإطار فإن فهمنا للإثار الاجتماعية والاقتصادية لتعاطي المخدرات لا يتم بمعزلٍ
عن فهمنا للإسباب المودية للتعاطي، حيثُ لا يمكن لنا أن نفهم مشكلة تعاطي المخدرات
من منظور آحادي الجانب، بل يجب أن نفهمها في إطار شمولي متكامل حتى يسهلُ علينا تحديد
الآثار الاجتماعية والاقتصادية التي تقود الأفراد، والأسر، والمجتمع إلى تعاطيها.
تساؤلات الدراسة:-
جاءت
هذه الورقة لتعالج السؤال الرئيس وهو:- ما هي الآثار الاجتماعية والإقتصادية لتعاطي
المخدرات؟ ويتفرع عن السؤال الرئيس عدة أسئلة فرعية أهمها:-
السؤال
الأول:- ما تعريف المخدرات؟
السؤال
الثاني:- ماهي الإسباب المؤدية إلى تعاطي المخدرات؟
السؤال
الثالث:- ما هي الجهود الوقائية لمكافحة تعاطي المخدرات ؟
أهمية الدراسة:-
تنبع
أهمية الدراسة من وجهة نظر الباحثِ لعدة سببين:-
السبب
الأول:- تناول العديدَ من الدراسات والآدبيات
البحثية بكثافة الحديثِ عن الإسباب المؤدية لتعاطي المخدرات، دون إتباع الاساليب العملية
للعلاج وطرق الوقاية. حيثُ أن الإطار النظري لا يكفي لبيان خطورة أيّ ظاهرة بالنسبة
لإيّ مجتمعٍ ما دون ملامستها والبحثِ في حيثياتها، حتى يتسنى اتخاد الخطوات العلاجية
اللإزمة لمكافحتها والوقاية منها.
السبب
الثاني:- تتمثل في رؤية الباحث تجاه تفاقم
تعاطي المخدرات في البيئة العربية، دون إبراز أيّ اسهامات حديثة في علاج تلك الظاهرة
والتخلص منها جذرياً، حيثُ الاكتفاء بالطرق التقليدية للعلاج من وجهة نظر الباحثِ يعزز
متعاطي المخدرات على تناولها بإستمرار. وبالتالي يجب أن يكون هناك آدوار متكاملة ذات
طابع علاجي في مكافحة المخدرات لاسيما وأن البشرية اليوم تعيش وسط عالمٍ متسارع يعجّ
بالتطورات العلمية والتكنولوجية مما تزيدُ من نسبة الوعي لدى المواطنين بخطورة تلك
الظاهرة، خاصة على المستوى الإعلامي وعقد المؤتمرات والآخذ بالتوصيات الناتجةِ عنه
على محملٍ من الجد من قبل الإكاديميين والباحثين العاملين في الحقول الاجتماعية والتربوية،
لما يقع عليهم من عبء في تحمل المسؤولية الملقأة إليهم في متابعة الظاهرة واستخدام
الإساليب العلمية والعملية في علاجها والوقاية منها.
أهداف الدراسة:-
تسعى
الدراسة لتحقيق هدفاً في غاية الإهمية الإ وهو بيان الآثار الاجتماعية والاقتصادية
لتعاطي المخدرات،حيثُ أن بيان الآثار الاجتماعية والاقتصادية لتعاطي المخدرات سيمكنَ
أيّ باحثٍ اجتماعي أو تربوي من وضعِ التصورات الديناميكية والرؤى العملية لمكافحة المخدرات
وطرق الوقاية منها.
منهجية الدراسة:-
تنحو
الدراسة نحو إتباع المنهج الوصفي التحليلي، حيثُ أنها تسعى إلى وصف المفهوم( تعاطي
المخدرات) وتحليله في ضوء البيانات والمعلومات المتوافرة المعدة مسبقاً من قبل الباحثِ
حتى يتسنى له استخلاص النتائج التي من شأنها أن تكون رافداً أساسياً للبناء عليها مستقبلاً
في إجراءِ المزيدِ من البحوث الإكاديمية ذاتُ الصلةِ بالواقع.
الدراسات السابقة:-
الدراسة الأولى:-
دراسة
بعنوان:- الإسرة ودورها في الوقاية من المخدرات.
قام بإعدادها صالح بن رميح الرميح وهي دراسة مقدمة للندوة العلمية تحت عنوان ” تأثير
المخدرات على التماسك الاجتماعي”. حيثُ هدفت الدراسة إلى التعرف على ظاهرة المخدرات
كمشكلة اجتماعية، وكذلك دور الإسرة في وقاية أبنائها من مشكلة المخدرات الخطرة. واشتملت
الدراسة على الإطار النظري والتحليلي تطرقت فيها لعدة مواضيع لعل آهمها: المشكلات الاجتماعية
والانحراف، وظيفة الإسرة، المخدرات وأضررها على الآسرة، الأسباب التي تعود في إدمان
أبنائها للمخدرات.
النتائج التي توصلت إليها الدراسة:-
المخدرات
ظاهرة اجتماعية لازمت المجتمعات منذ القدم وقد تم مكافحتها وذلك بتحديد بعض العقوبات
والجزاءات لها.
أهمية
الجانب الإسري في عملية الوقاية من المخدرات.
يعد
التماسك الإسري الإساس في التماسك الاجتماعي، فالإضطرابات والاختلالات الخلقية والسلوكية
داخل الإسرة من شأنها أن تفرز اختلالات واضطرابات في المجتمع العام، بل أن سوء التكيف
والتوافق داخل الإسرة من شأنه إحداث سوء تكيف بين أبناء المجتمع الواحد.
الدراسة الثانية:-
دراسة
بعنوان:- دور العمالة الوافدة للمملكة العربية
السعودية في ترويج المخدرات” من وجهة نظر العاملين في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات”.
قام بإعداها محمد محسن بن حويد العتيبي. حيثُ هدفت الدراسة إلى التعرف على اكثر الجنسيات
من العمالة الوافدة ترويجاً للمخدرات في المملكة العربية السعودية، وأهم الطرق والإساليب
التي يتبعونها عند ترويجهم للمخدرات، بالإضافة إلى قياس مدى فاعلية الإجهزة الإمنية
في الحد من دور الوافدين في ترويج المخدرات
في المملكة العربية السعودية.
النتائج التي توصلت إليها الدراسة:-
اكثر
الجنسيات من العمالة الوافدة ترويجاً للمخدرات هي الجنسيات الباكستانية، والافغانية،
والسورية، واليمنية.
اتباعهم
وسائل لإغراء الشباب عند ترويجهم المخدرات مثل: سائقي الإجرة والنقل والشاحنات.
عدم
قدرة العاملين في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات لدى تصديهم لمروجي المخدرات تطبيق
العقوبات الصارمة بحقهم نظراً لإستخدامهم أحداث النظم والحيل.
الدراسة الثالثة:-
دراسة
بعنوان:- السياسة الجنائية لمكافحة ترويج المخدرات في نظم دول مجلس التعاون الخليجي(
دراسة تأصيلية تحليلية مقارنة تطبيقية) بحث مقدم( استكمالاً لمتطلبات الحصول على درجة
الماجستير في العدالة الجنائية، تخصص السياسة الجنائية. قام بإعدادها أحمد بن عبدالرحمن
بن علي الهدية. حيثُ هدفت الدراسة إلى معرفة الآثار السلبية لجرائم المخدرات، التعرف
على حجم مشكلة الإتجار في المخدرات وترويجها في دول مجلس التعاون الخليجي، توضيح أوجه
الشبه والاختلاف بين أنظمة وقوانين دول الخليج العربي لجريمة ترويج المخدرات، بيان
مطابقة الإحكام الواردة في نظم وقوانين دول الخليج العربي مع أحكام الشريعة الإسلامية.
اعتمدت الدراسة على المنهج الاستقرائي الذي تتناوله الانظمة الخليجية تجاه جريمة ترويج
المخدرات.
النتائج التي توصلت إليها الدراسة:-
إجماع
علماء الإمة بتحريم التعامل بالمخدرات في جميع صورها، لما فيها من أخطارٍ على العقول
والإجسام تهدد الحياة، وتؤذن بخرابها وتؤدي إلى ضياع الحقوق والواجبات.
علو
قدر شأن الشريعة الإسلامية في الوقاية من المخدرات، وعظم دورها في ما قررته من واجباتٍ
وأنماط سلوكٍ تؤدي إلى وقاية المسلم من الوقوع ضحيةً ارتكاب الجرائم عامة، وتعاطي إدمان
المخدرات وتروبجها.
ترواحت
العقوبات على المتجرين بالمواد المخدرة بين سجنٍ طويل الإمد، وغراماتٍ مالية كبيرة،
وصلت عقوبة الاتجار غير المشروع بالمخدرات في بعض الدول الخليجية إلى الإعدام، مع وجود
اشتراطاتٍ مختلفة من الدول لإيقاع عقوبة الإعدام.
التعقيب على الدراسات السابقة:-
يتضح
من الدراسات السابقة التي قام بها الباحث بإستعراضها أن هناك تركيزاً على الآثار الاجتماعية
لتعاطي المخدرات خاصةً على مستوى الإسرة، والمجتمع وإغفالها الآثار الاقتصادية وهذا
ما يضفي على البحث لوناً من الحداثة والحيوية.
وقد
استفاد الباحث من الدراسات السابقة في إثراء الإطار النظري للدراسة الحالية، وفي صياغة
الخاتمة، وفي التعقيب على النتائج التي كشفت عنها الدراسة الحالية.
مصطلحات الدراسة:-
المخدرات:-
إن
تعريف المخدرات يختلف بإختلاف النظرة إليها، ولذلك لا يوجد تعريفٍ موحد أو متفق عليه
للمخدرات، ويمكن تعريف المخدرات من الجوانب التالية:-
تعريفٍ لغوي:
المخدر
في اللغة اسم فاعل مشتقٌ من الفعلِ خدر، ويدور لفظ الخدر حول معاني الضعف والكسل والفتور
أو الستر.( هلال، 1999م: ص23) فيقال المرأة خدّرها أهلها بمعنى ستروها وصانوها من الإمتهان،
أيّ أن الخدر هو ما يسترُ الجهاز العصبي عن فعله ونشاطه المعتاد.
تعريف المخدرات إصطلاحاً:-
هي
كلُ ما يؤثرُ على العقلِ فتخرجه عن طبيعته المميزة المدركة الحاكمة العاقلة، ويترتب
على الإستمرار في تعاطيها الإدمان فيصبحُ الشخص أسيراً لها. في تعريفٍ آخر تعرف بأنها
المواد التي تخدر الإنسان، وتفقد وعيه، وتغيبه عن إدراكه.
التعريف العلمي للمخدرات:-
المخدر
هو مادة كيمائية تسبب النعاس والنوم أو غياب الوعي المصحوب بتسكين الألم، وهي ترجمة
لكلمة( Narcotic) المشتقة
من الإغريقية ( Narcosis) التي
تعني يخدر أو يجعله مخدراً.
التعريف القانوني للمخدرات:-
يطلق
لفظ المخدرات قانوناً على مجموعة من المواد التي تسبب الإدمان وتسمم الجهاز العصبي،
ويحظر تداولها أو زراعتها، أو صنفها إلا لأغراض يحددها القانون ولاتستعمل إلا بواسطةِ
من يرخص له ذلك.
التعريف الإجرائي للمخدرات:-
هو
مخدر الهيرويين الذي يؤثر بدخوله جسم الإنسان على وظيفةٍ أو أكثر من وظائفه بشكلٍ سلبي،
فضلاً عما يحدثه من خللٍ في كيمياء الجسم.
تعاطي المخدرات(drug abuse)
التعاطي
في اللغة:- العطو: التناول ورفع الراس واليدين.
والاعطاء: المناولة كالمعاطاة والعطاء والانقياد. والتعاطي: التناول: وتناول ما لايحق،
والتنازع في الآخذ، والقيام على آطراف أصابع الرجلين مع رفع اليدين إلى الشيء.
التعاطي في الإصطلاح:-
هو
التناول غير المشروع للمخدرات بطريقة غير منتظمة وغير دورية يتعاطاها الأفراد من أجل
إحداث تغييرٍ في المزاج أو في الحالة العقلية، ولكنه لايصل إلى حد الاعتماد التام عليها.
التعريف الإجرائي للتعاطي:-
العمل
الذي يقوم به الشخص لتناول أيّ نوع من العقاقير المخدرة مثل الحبوب المخدرة مثل: الحبوب،
الحشيش، الهيرويين، وغيرها بأيّ وسيلةٍ من وسائل تزويد الجسم سواء كان آكلاً، أو شرباً،أو
شماً، أو حقناً.
الإطار النظري:-
النظريات الاجتماعية (Sociocultural Theory)
تركز
هذه النظريات على دور الإسرة والبيئة والثقافة والعوامل الاجتماعية الأخرى في تطور
وتفسير سلوك الإدمان، ومن بين هذه النظريات الاجتماعية التي تفسر سلوك الإدمان نظرية
العائلة\ الأسرة( Family Theory) حيثُ
تعارض هذه النظرية بأن يكون المرض أو صعوبات الفرد هي مقدمة للإدمان. وتركز هذه النظرية
على إسهامات الإسرة في سلوك الإدمان، وكيف تؤثر المشاكل على كل عضوٍ في الإسرة، وما
هو تأثير الإدمان على الإسرة كوحدة متماسكة، وتفترض هذه النظرية أن الأدمان هو أحد
الطرق التي تستخدمها الأسرة لتلبية حاجات الحياة وتحدياتها، وإن الإدمان وسيلة تكييف
مع ظروف الحياة .
نظريات أخرى للإدمان:-
هناك
نظريات تقول أن الأدمان عبارة عن تكوين ارتباطاً شرطية في المخ بين الهروب من الواقع،
واللذة، ومادة الإدمان…. فكلما شعر المدمن بالقلق، والتوتر، يتذكر فوراً أن تعاطي المواد
المخدرة سيعمل على إزالة هذا التوتر فوراً….. وينمو هذا الارتباط الشرطي باستمرار التعاطي.
الإسباب المؤدية إلى تعاطي المخدرات:-
يرى
محمد سلامة غباري أن الأفراد يلجأون إلى تعاطي المخدرات لإسبابٍ عديدة معظمها راجع
إلى الوهم والجهل وسوء الفهم ومن هذه الأسباب مايلي:-
الحصول
على اللذة أو السرور وكما معروف فإن هذه الحاله دائماّ تكون وهمية ومؤقتة.
الظروف
الاجتماعية والأسرية غير المناسبة مثل:- التفكك الأسري أو انحراف أحد الوالدين، ورفقةِ
السوء والعادات الخاطئة.
الهروب
من بعض ضغوط الحياة ومشاقها، ومن بعض مظاهر
سوء التوافق الشخصي أو الاجتماعي في البيت أو المدرسة أو العمل.
نبذ
الآبوين للطفل أو المراهق وتهربّ الأب من مسؤولياته، وانعدام طموحات الأبوين بخصوص
مستقبل الطفل، وحدوث صراعات مستمرة بينهما أمام الأطفال أو المراهقين.
انخفاض
الوازع الديني لدى الفرد، وعدم قيام الإسرة أو المدرسة أو المجتمع بإبراز الأوامر والنواهي
الدينية المتعلقة بالمخدرات للأفراد على نحوٍ مناسب.
التعامل
السيئ من جانبِ بعض وسائل الإعلام مع موضوع المخدرات وتعاطيها حيثُ تترك الفرصة لغير
المتخصصين للكلام عنها بشكل غير علمي.
وفي هذا السياق يمكننا رصد الأسباب التي تؤدي إلى تعاطي المخدرات كالآتي:-
الأسباب التي تؤدي إلى الفرد:-
1. نقص التوجيه الديني لدى الفرد المتعاطي.
2. رفاق السوء.
3. الشعور بالفراغ
4. توفر المال بكثرة
5. السهر خارج المنزل
6. السفر إلى الخارج
7. الهموم والمشكلات الاجتماعية
8. الإعتقاد بزيادة القدرة الجنسية
الأسباب التي تعود إلى الإسرة:-
تعتبرُ
الأسرة الخلية الأولى في المجتمع، وهي التي ينطلقُ منها الفردُ إلى العالم الذي حوله
بتربية معينة وعاداتٍ وتقاليد اكتسبها من الإسرة التي تربها فيها، لذا يبقى الحرصُ
عليها شديداً والإهتمام بسلامتها هدفاً يبتغى، لإن الطفل الذي يعيش في أسرةً رصينةٍ
متماسكة يبقى وثيق العرى، رصيناً أمام كل المغريات والإنحرافات السلوكية.
وقد أظهرت نتائج تعاطي المخدرات أن تغلغل الإستقرار في جوّ الإسرة، متمثلاً في انخفاض مستوى الوفاق بين الوالدين، وتأزم الخلافات بينهما إلى درجةٍ من الهجرِ والطلاق، يولد أحياناً شعوراً غالباً لدى الفرد بعدم اهتمام والديه به. ومن الإسباب التي تعود للإسرة وتساهم في تعاطي المخدرات:-
1. القدوة السيئة من قبل الوالدين
2. إدمان احد الوالدين
3. انشغال الوالدين عن الإبناء
4. كثرة تناول الوالدين للإدوية والعقاقير
5. القسوة الزائدة على الآبناء
الإسباب التي تعود إلى المجتمع:-
وجود
بعض أماكن اللهو في بعض المجتمعات:- تحرصُ
بعض المجتمعات على أن تكون أماكن اللهو مناطق ترفيهية يزورها أفراد المجتمع للترويح
عن أنفسهم من ضغوط الحياة وتعقيداتها المستمرة، لكن يحرصُ بعض القائمين عليها أحياناً
إلى تشويها عبر إدخال المسكرات وبعض العقاقير المخدرة بهدف تحقيق أكبر قدرٍ ممكن من
الإرباح الطائلة على حساب توفير الراحة النفسية للبشر، فضلاً عن استغلالهم بشتى الوسائل
والطرق تحت ذرائع وهمية ووحججٍ لايستطيعُ العقل البشري تحملها أو استيعابها، فمن يريدُ
أن يفسد عقول البشر والإتجارِ بهم فهو لايسعى إلى توفير الراحة لهم.
العمالة
الأجنبية وتعاطي المخدرات:- آدى استقدام الآيدي العاملة
الإجنبية خاصةً من مختلف البلدان الآسيوية إلى دول الخليج خلال السنوات العشر الآخيرة
إلى جلب العديد من السلوكيات المنحرفة كان أبرزها عادة تعاطي المخدرات بمختلف أنواعها
وأساليبها.
وسائل
الإتصال:- نقصد
بوسائل الإتصال العامة، تلك الوسائل التي تساعد الإنسان على الإتصال بالعالم الخارجي
المحيط سواء كان هذا العالم محلياً أو قومياً أو عالمياً، ولعل أهم هذه الوسائل هي
المطبوعات بشكلٍ عام وتتضمن المجلات والكتب، ثم وسائل الإعلام المسموعة والمرئية كالإذاعة
والتلفزيون والسينما والفيديو.
المدرسة:-
تعتبر المدرسة مؤسسه تربوية اجتماعية، لكنها قد تفشل في تحقيق وظائفها، وقد يرجع ذلك
إلى عوامل متعددة قد ترجع إلى الحدث أو ترجع إلى المدرسة أو ترجع إلى الإثنين معاً،
إلا ان سوء معاملة المدرسين وقسوتهم، قد تجعلُ من المدرسة مثيراً شرطياً للألم والعقاب،
ويجد الطفلُ في الهروب من المدرسة الوسيلة المناسبة لخفض التوتر والقلق، وتصبح المدرسة
في هذه الحالة أقل جاذبية لبعض التلاميذ، الذين يجدون في البيئة الخارجية للمدرسة أكثر
أمتاعاً لتحقيق رغباتهم، فيهربون من المدرسة إلى المناطق الجاذبة، مما يسهل تعرضهم
للإنحراف خاصةً إذا اجتمعوا مع أصدقاء السوء بالمدرسة وخارجها.
الآثار الاجتماعية لتعاطي المخدرات:-
يعدّ
تعاطي المخدرات مرضٌ اجتماعي، يذل الفرد ويحطمه، ويؤثر على نفسيته، وينعكس على شخصيته،
فيمحوا منه الفضيلة، ويدفعه إلى الرذيلة، ويقود الشخص إلى التبلد واللامبالاة مما يفقده
الشعور بالمسئولية، ويبعده عن واقع الحياة، يبدو دائماً خائر القوى، دائم الجلوس قليل
الحركة، لا يقوى على العمل، ولا يعرف معنى الكفاح، ينتهي به الحال إلى الإقامة بأحد
المستشفيات لعلاج مرض عضوي مزمن، لا شفاء منه، أو بمستشفى الأمراض العقلية إلى أن تنتهي
حياته.
الآثار الاجتماعية للمخدرات على الفرد:-
تؤدي
المخدرات إلى نتائج سيئة للفرد سواء بالنسبة لعمله أو إرادته أو وضعه الاجتماعي وثقة
الناس به، فتجعل منه إنساناً كسولاً ذو تفكيرٍ سطحي، يهمل في آداء واجباته، ولا يبالي
بمسؤولياته، وينفعلُ بسرعةٍ ولإسبابٍ تافهةٍ، وذو أمزجةٍ منحرفة في تعاملهم مع الناس.
يؤدي
تعاطي المخدرات إلى هبوط مستوى أخلاق متعاطيها، فيؤدي بهم إلى حبِ الذات، وعدم الشعور
بالمسؤولية، والإستهتار بالواجب، وضعف الإرادة، وإهمال الواجبات العائلية، والتنكر
لمبادئ الأمانه والشرف.
يسبب
الإدمان على المخدرات للمدمن نقائص وعاهاتٍ جسيمة، وعقلية، وخلقية، تتنقل غالباً إلى
ذريته، فالأدمانُ له أثرٌ في سعادة الفرد والإسرة وشقائها، وكذلك له ارتباطٌ وثيق بالإجرام،
فجريمة ما قد تكون نتيجة لتهيج حادث من تعاطي المخدرات، أو أضطربٌ عقلي متسبب عن الإدمان
المزمن، أو حادث من حالة الفقر التي سببها الأدمان، أو للرغبة في الحصولِ على المخدر بطريقٍ غير مشروع.
إن
متعاطي المخدرات يعطون المثل السيئ لأفراد أسرتهم فهم غالباً ما ينساقون وراء نزواتهم
وغرائزئهم الأولية التي تحكمها الإرادة أو الظروف العادية، وذلك لإنعدام قدرتهم على
السيطرة عليها وعلى الدوافع الكامنة في أنفسهم.
يمنح
المنشط أو الملهوس جرأة غير طبيعية تدفعه إلى التهجم على من هو أكبر منه سناً ومقاماً
وإهانته إهانات بالغة.
في إطار ما سبق ذكره تتصف شخصية المتعاطي بعدم النضج الاجتماعي وتبدو مظاهرها كما يلي:-
الشخصية
الأنطوائية:- حيثُ يكون الشخص خجولاً، شديد الحساسية، محباً للفراق، يهرب من الناس
ومن المجتمعات، لانه لا يقدر على مواجهتهم، ويحاول اللجوء إلى مادة تزيد الحواجز بينه
وبين الناس فيقع في دائرة تعاطي المخدرات.
الشخصية
السيكوباتية: التي تأتي أفعالاً لا اجتماعية، ولا آخلاقية، مثل السرقة، القتل، الاغتصاب
وغيرها.
الشخصية
القلقة:- التي تتسم بعدم الصبر، التعجل للأمور، الاستثارة السريعة، وهذه الصفات تعرض
صاحبها للوقوع في الخطأ، وارتكاب السلوك المنحرف من خلال التعاطي أوأدمان المخدرات.
الآثار الاجتماعية للمخدرات على الآسرة:-
يؤدي
تعاطي المخدرات من قبل أحد أفراد الأسرة إلى زعزعة البنية الاجتماعية للأسرة، وتراجع
أطر التفاعل الاجتماعي البنّاء بين آعضائها، تختلف آبعاد تلك الآثار ونتائجها باختلاف
عضوية الفرد المتعاطي داخل الأسرة كالأب أو الأم أو أحد الأبناء، وكذلك نوعية مادة
المخدر الذي يجري تعاطيه، ومستوى التعاطي وفترته الزمنية.
يمثل
تعاطي المخدرات عبئاً اقتصاديا شديداً على دخل الأسرة، فتسوء حالتها المعيشية من جميع
النواحي، وقد يؤدي ذلك إلى انحراف بعض أفراد الأسرة، ويكون الوالد في هذه الحالة نموذجاً
سيئاً لأسرته، سواء من ناحية أخلاقه، أو علاقاته المشبوهة بالمدمنين ذوي الأخلاق الشاذة،
إضافةً إلى إنزلاق أحد أفراد الأسرة إلى نفس الهاوية التي انحدر إليها ربّ الأسرة،
وهي الأدمان خاصةً الأطفال الذين ينشأ لديهم شعور بعدم المسؤولية وتقدير الواجب حيال
أسرهم بل حيال المجتمع.
لا
يقتصر تعاطي المخدرات على التشوه المادي للإسرة فحسب، بل يؤدي إلى تفكك الروابط الإسرية،
وزيادة المشاكل بين الزوجين والتي تنتهي بالأسرة إلى الدمار والخراب. بمعنى آخر فإن
المتعاطي مثلما يتأثر بالبيئة المحيطة به، فأنه يؤثر فيها أيضاً، وتتغير حالته الصحية
والعقلية إلى الأسوء، ولا يكون في حالة صحية أو عقلية تسمح له أن يرعى أبناءه، ويعجز
عن تنشئتهم التنشئة السليمة.
كما
تنعكس حالات تعاطي المخدرات من قبل أحد أفراد الأسرة على علاقاتهم الاجتماعية، حيثُ
يسودها تحديدٌ للتفاعل الاجتماعي معهم، ونفور منهم، ونبذ لهم، ومحايدة الاختلاط بهم
من قبل الاقارب والجيران والإصدقاء، بسبب سمعتهم السيئة لتعاملهم مع المخدر وما يفرزه
من أنماط سلوكية سلبية، فضلاً على نظرة المجتمع المحلي إلى زمرة المتعاطين فهي تختلفُ
من فردٍ لإخر كأن ينظر إلى المتعاطي على أنه مريضٌ معدي بحاجة للعلاج، أو أنسانٌ شاذ
يمكن أن يتوب، أو أنه أنموذجٌ اجتماعيٌ سيء، أو أنه مصدر سوء ورفيق سوء، أو أنه إنسانٌ
ملوث يجب أن ينبذ ويؤفّف.
الآثار الاجتماعية للمخدرات على المجتمع:-
إن
تعاطي المخدرات وإدمانها يمثل مشكلةً اجتماعية خطيرة باتت تهدد آمن المجتمع وسلامته،
بل أصبحت خطراً داهماً يجتاحُ الإنسانية جمعاء، وتنعكس آثارها على المجتمع من مختلف
النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية.
يمكن تحديد الآثار الاجتماعية للمخدرات على المجتمع في المسائل التالية:-
1. انتشار الجريمة والإنحراف
2. الإنحدار الخُلقي والاجتماعي
3. العدواة والبغضاء بين الناس
4. اعتلال صحة المتعاطي
5. زيادة حوادث المرور
الآثار الإقتصادية لتعاطي المخدرات:-
إن
ظاهرة تعاطي المخدرات لها جانبها الاقتصادي، وهو على قدرٍ كبير من الأهمية، بالنسبة
للفرد من ناحية، والمجتمع من ناحيةٍ أخرى
.
الأثار الاقتصادية لتعاطي المخدرات على الفرد:-
إذا
نظرنا إلى آثر المخدرات على الفرد من الناحية الاقتصادية سنجدُ أن الفرد المدمن قد
بدأ في تعاطي المخدرات مجاناً لأول مرة، أو مجاملةً لصديقٍ، أو حباً للإستطلاع، أو
رغبةً في تسكين بعض الآلام، وبعد ذلك يبدأ في دفع الثمن مقابل الحصول على المادة المخدرة،
وفي كل يومٍ يزيدُ من الجرعة التي يأخذها، وبالتالي يزيد الثمن الذي يدفعه مقابل الحصول
على المواد المخدرة، حتى يأتي الوقت الذي يجد المدمن نفسه بلا مالٍ يضطر إلى بيع كل
ما يملكه مقابل الحصول على المادة التي يتعاطاها.
كما
أن التعامل بالمخدرات تعاطياً أو ترويجاً من شأنها أن تضعف النفس البشرية، وتصيبها
بالأمراض مما يجعلها غير منتجةٍ ومتاخرةٍ دائماً عن العمل الذي يعدّ بمثابة وسيلةً
لكسب العيش. وقد دلت نتائج البحوث التي أجريت أن تعاطي المخدرات وإدمانها يؤثر على
إنتاجية الفرد في العمل، والتي من شأنها أن تؤدي إلى تناقص انتاجية المتعاطي، والمقصود
هنا بالانتاجية مقدار ما ينتجه الشخص في وحدة زمنية معينة( الساعة،أو اليوم، أو الأسبوع).
الآثار الاقتصادية لتعاطي المخدرات على المجتمع:-
من
أخطر أضرار المخدرات تأثيرها السلبي على اقتصاديات المجتمع، نظراً لتكلفتها الباهظة
التي تقع على موارد المجتمع، فضلاً عن إعاقتها نموه وتقليلها من فاعلية التوجهات الكبرى
التي ينبغي أن تستحوذ على مسيرته.
إن
أهم مظاهر الخسائر الاقتصادية للمخدرات هي تلك المبالغ التي تنفق عليها ، فإذا كانت
المخدرات تزرع في المجتمع الذي تستهلك فيه، فإن معنى ذلك إضاعة جزءاً من الثروة القومية
المتمثلة في الأرض التي كان من الممكن استثمارها في زراعة ما هو أنفع للمجتمع من المخدرات،
وفي الجهد البشري الذي يستهلك في زراعتها وتصنيعها، فعلى سبيل المثال بلغت المساحة
المخصصة لزراعة الخشخاش الذي يستخرج منه الأفيون وبالتالي الهيرويين في لبنان أربعة
آلاف هكتار في عام 1985م، فلقد قام الزراعون في منطقة بعلبك بنزع شجيرات التفاح وغيرها
وبادرا بزرعها خشخاشاً، حيثُ أن زراعة الخشخاش هناك تعتبرُ مجزية لصلاحية التربة الزراعية،
هذا فضلاً عن الإرباح الطائلة التي تحققها هذه الزراعة.
ومن
المظاهر الأخرى للخسائر الاقتصاية، ما ينفق على تجارتها وتهريبها أو جلبها إلى المجتمع
من مصادر خارجية،حيثُ أن ذلك يستهلك مبالغ كبيرة تخرجُ من المجتمع مما يشكلُ خسائر
للاقتصاد القومي لأنها تظل خارج قنواته، فالدولة تنفق أموالاً لا حصر لها في مكافحة
المخدرات كان من الممكن أن تستخدم في بناء المصانع، أو إقامة المستشفيات، أو تشييد
المشروعات التي تفيد سكان المجتمع، وكذلك الأفراد المدمنين الذين يتعاطون المخدرات
يصبحون غير قادرين على الإنتاج، لا يستطيعون العمل، أو القيام بأي شئ مفيد لإنفسهم
أو مجتمعهم، وهم في نفس الوقت يحتاجون إلى المال لشراء المخدرات التي يرتفع ثمنها يوماً
بعد يوم، وهنا يصبحُ المتعاطي غير قادر إعالة نفسه، أو القيام بأعبائه المالية تجاه
أولاده وأهله.
الآثار الاقتصادية لتعاطي المخدرات على الدولة:-
والمخدرات
لها تأثير بالغ الخطورة على الناحية الاقتصادية للبلاد، فهي السبب الرئيسي وراء ارتفاع
سعر الدورلار، ولها دخل كبير في انتشار البطالة وقلة الانتاج، كما أن انتشار تجارة
المخدرات يترتب عليها تهريب العملة الصعبة خارج البلاد، فتقل كميتها ويزداد الطلب عليها،
وتتجه إلى مزيدٍ من الارتفاع، والذي ينعكس بدوره على القوة الشرائية للعملة الوطنية.
يمثل
تعاطي المخدرات عبئاً كبيراً على الدخل القومي للدولة،إذ أن المخدرات التي تُهرّب من
الخارج تقدر بمئات المليارات، وهذا يعني أن الأموال التي تتسرب من الخارج يحتاجُ لها
جميع أفراد الشعب ويجب أن تستثمر في قطاعاتٍ حيوية تعود على الدولة بمردوداتٍ ضخمة
يكون لها الآثر المباشر في إحداث عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.
الجهود الوقائية لمواجهة تعاطي المخدرات:-
لقد
اهتمت كافة المهن والتخصصات العلمية ومراكز البحث العلمي بالإسهام في الجهود العلاجية
والوقائية لمواجهة مشكلة تعاطي المخدرات سواء على المستوى العلاجي أو الوقائي أو على
مستوى الآفراد أو الجماعات أو المجتمعات لمواجهة الآثار المترتبةعلى هذه المشكلة، ومن
هذه المهن مهنة الخدمة الاجتماعية التي اهتمت بدراسة آبعاد هذه المشكلة والعمل على
حثّ الجهود الأهلية والحكومية لمواجهة الآثار المترتبة عليها، كما أنها تسهم مع الجهود
المجتمعية الآخرى في رسم استراتيجية عامة لمواجهة هذه المشكلة وتعملُ على تقوية وتنفيذ
برامج الرعاية الاجتماعية التي يمكن من خلالها التحكم في العوامل السلبية المؤدية إلى
انتشارها والوقاية منها.
اولاً:- الجهود الفردية للوقاية من تعاطي المخدرات:-
المقصود
بالجهود الفردية هو جهود أفراد فريق العمل الذي يعملُ لمحاربة المواد المخدرة، والقضاء
على التعاطي الذي يفتت كيان المجتمع،وينهشُ في جسد الأمة، ويدمرُ كل من يقع فريسة لهذه
الجرثومة القاتلة.
وفريق
العمل الذي يعملُ في مكافحة تعاطي المخدرات يتكون من الطبيب البشري، والطبيب النفسي،
والأخصائي الاجتماعي….فكلهم مطالبون بجهود فردية وقائية نورد منها الآتي:-
التوعية
بالأضرار الخطيرة المدمرة للأفراد والأسر والمجتمعات، وخاصةً الأمراض الفتاكة التي
تسببها جرثومة الإدمان القاتلة، وما يترتب على ذلك من أضرار اجتماعية، واقتصادية.
زيادة
الإهتمام ببرامج التوعية، الثقافية والدينية والترفيهية والاجتماعية لأسر المتعاطين
ومن يخالطونهم، وإشراكهم في إعداد هذه البرامج، ومدى الفائدة التي تعود عليهم من هذه
البرامج التي تهدف إلى الوقاية من الإدمان.
تثقيف
أسر المتعاطين وتوعيتهم بالعوامل والدوافع المؤدية للتعاطي، لوقاية باقي أفراد الأسرة
من التعاطي، ولإشراكهم في التعاون مع فريق العمل في جهودهم الوقائية من الإدمان.
تثقيف
وتوعية آفراد أسر المدمنين بالأمراض الخطيرة الجسمية، والنفسية، والعقلية، ونتائجها
النفسية والاجتماعية لحماية الأفراد والأسر من الوقوع فريسة لجرثومة الموت الفتاكة،
التي تفتك بالأفراد، والأسر، والمجتمع.
متابعة
فريق العمل للحالات التي تمت مساعدتها، للتأكد من نجاح الجهود الفردية الوقائية في
هذا المجال.
ثانياً: الجهود المجتمعية للوقاية من تعاطي المخدرات:-
وزارة الشئون الاجتماعية:-
يقع
على عاتق وزارة الشئون الاجتماعية دورٌ كبير في مواجهة مشكلة التعاطي، لا سيما وأنها
الوزارة ذات الاختصاص المباشر في الإشراف على توفير الرعاية الاجتماعية للمواطنين،
وعلاج أسباب الإنحراف، وتقصي دوافع التعاطي، والعملُ على تلافيها عبر توفير برامج توعوية
يشرفُ عليها اخصائيون اجتماعيون ذات كفاءة علمية وعملية في تقديم الارشادات العلاجية
للمتعاطين.
وزارة الإعلام:-
لوسائل
الإعلام المرئية المسموعة والمقروءة دورٌ طبيعي وهام في مكافحة المخدرات لأن لها القدرة
على التأثيرُ في الرأي العام، وقادرة على خلق الوعي بخطر التعاطي ، وقادرة على تعبئة
الرأي العام ضد المخدرات، والاهتمام الكبير بالجهود الوقائية لمواجهة كارثة الإدمان
مثل: استخدام كافة الوسائل المتاحة كالأفلام والتمثيليات والبرامج التلفزيونية، ومقالات
التوعية اللازمة بالصحف والمجلات.
وزارة الصحة:-
يقع
على عاتق وزارة الصحة الحفاظ على الصحة العامة للشعب، والإشراف على علاج مدمني المخدرات
عبر التعاون مع الإدارات والاقسام الصحية ذات العلاقة بوازرة الصحة، والتي خصص في بعضها
أجنحة لعلاج مدمني المخدرات.
جهود المدارس في مكافحة تعاطي المخدرات:-
للمدارس
دورٌ هام ورئيسي في مواجهة ومكافحة تعاطي المخدرات، وذلك عن طريق الاهتمام بدورها التربوي،
وعدم الاقتصار على دورها التعليمي فقط، حيثُ أن تربية الطلاب من خلال المدارس المختلفة،
تهيئ لهم فرص الوقاية اللازمة، بالإضافة إلى توعيتهم بأضرار المخدرات، سواء على المستوى
الفرد، أو على مستوى الإسرة، أو على مستوى المجتمع.
لا
يقتصر دور المدرسة على التوعية والإرشاد التربوي والاكاديمي للطلاب عبر الجلسات التثقيفية
التي تصدرها المجلة الثقافية للمدرسة، أو الحصص التربوية النظرية التي يعقدها الإخصائي
الاجتماعي، بل يتعدى ذلك إلى الجانب العملي إلا وهي فكرة المبادرة والتعاون والتنسيق
بين المدرسة والمؤسسة الآمنية عبر تشكيل فرقٍ طلابية من الذكور والإناث للوقوف مع الشرطة
ضد المخدرات ومكافحتها، وذلك عبر نشر التوعية في صفوف الطلبة وامتدادها للوصول إلى
آولياء أمور الطلبة، وعقد المحاضرات وورش العمل، وبالتالي يصبحُ طلبة المدارس مساندين
لبرامج الشرطة في كافة الأمور التي تطلب منهم فيما يتعلق بمكافحة المخدرات وحماية أسرهم
من التعاطي.
الجهود الوقائية للنقابات ودورها في مكافحة تعاطي المخدرات:-
يقع
على عاتق النقابات المهنية والعمالية آدوراً رئيسيةً في مكافحة تعاطي المخدرات عبر
عقد المحاضرات وورش العمل، والتعاون والتنسيق بين المؤسسات والأطر الاجتماعية والثقافية
والجمعيات الفاعلة المؤثرة التي من شأنها أن تسهم عبر برامجها التوعوية والإرشادية
خلق مناخٍ عام عبر التعريف بأضرارها ومخاطرها السلبية، خاصة بين الأوساط العمالية الذين
يفتقرون إلى آدنى مستوى تعليمي مما يُعرضهم للإستغلال من قبل تجار المخدرات أوآرباب
العمل في سبيل تحسين مستوياتهم المعيشية، والإرتقاء بهم إلى مستوى معيشي أفضل.
وهنا
يأتي دور النقابات المهنية في المتابعة والمراقبة على ورش العمل، والمصانع، وعقد المؤتمرات
والندوات العلمية، وتقديم النشرات الثقافية بين الحين والآخر من آجل التعريف بأضرار
المخدرات، ومخاطرها السلبية حتى يكون العمالُ على درايةٍ وإلمامٍ في حال تم العرضِ
عليهم أيّ نوع من الحبوب المخدرة لتناولها، أو للتعامل مع مروجيها من تجار المخدرات
وآرباب العمل.
الجهود الآسرية:-
تشكل
جهود الأسرة في الوقاية من المخدرات إحدى حلقات سلسلة متكاملة مترابطة من الجهود الرسمية
والمجتمعية التي تبذل في المحافظة على سلامة الأسرة واستمرارية أدائها لواجباتها، مما
يتيح لها تنشئة أفرادها في جو يسوده الأمن والطمأنينة بعيداً عن الإنحراف بكافة أشكاله،
ويقع على الأسرة في إطار هذه الجهود المتكاملة دوراً كبيراً وهاماً في استجابتها لهذه
الجهود وتعزيزها بجيلٍ واعٍ يتفهم لمسؤولياته ويعي واجباته تجاه مجتمعه.
ولذلك
فإن جهود الإسرة الوقائية من أهم المسؤوليات والواجبات التي من خلالها تحمي الأبناء
من تعاطي المواد المخدرة، ومن خلالها تقوم بتوعية وتبصير أبنائها بهذا الخطر القاتل،
ولكي تثمر تلك الجهود الوقائية فلابد أن تكون الحصن الدافئ للأبناء، بما توفره لهم
من طمأنينة وحب.
لايقتصر
دور الأسرة على توفير الرعاية والإهتمام بالإبناء فقط، بل يتطلب مراقبتهم ومتابعتهم
في سلوكهم العام والتعرف على أصدقائهم، لتساعدهم على تجنب مخاطر الإدمان. يقول صفوت
درويش من الضروري أن تساعد الأسرة أبنائها في حل مشكلاتهم، والعمل على المحافظة على
صحتهم النفسية، وتجنبهم المخاطر والصراعات النفسية التي تدفعهم إلى الإدمان، ويجب أن
يكون هناك حوار دائم بين أفراد الأسرة، على أن يكون هذا الحوار إيجابياً يعبرُ عن مدى
اهتمام كل فرد بالأسرة بسماع الأخرين والاستجابة لما يقولون، وبذلك تصبحُ الأسرة ملجأ
الأمن، ودرع الحماية، وحصن الوقاية من الإدمان .
والجهود
الوقائية للأسرة لاتكفي وحدها لمكافحة تعاطي المخدرات، بل يجب أن تتضافر الجهود الفردية
والمجتمعية والأسرية في التعاون مع بعضها البعض في سبيل مكافحة تعاطي المخدرات حتى
لا تتفشى في المجتمع ويستحيلُ معالجتها والتصدي لها عبر الوسائل والآليات المتاحة والمتوافرة
من قبل المؤسسات والوزارات والجمعيات الاجتماعية ذات العلاقة بالشأن.
الخاتمة:-
تعدّ
المخدرات آفةً اجتماعيةً خطيرة لا تقضّ مضجع المجتمع المحلي فحسب بل تتعدى المجتمع
العالمي تاركةً ورائها الويلات والآلام للدول النامية والمتطورة على حدٍ سواء.
اتفاقٍ
عام حول تعريف المخدرات بأنها المواد التي تخدرّ الإنسان وتفقد وعيه وتغيبه عن إدراكه.
الفهم
الخاطئ للتعاليم الدينية ونقص التوجيه الديني أحد الأسباب الدافعة إلى تعاطي المخدرات.
أظهرت
معظم الدراسات بأن رفقاء السوء يشكلون المرتبة الأولى في دفع الأفراد إلى التعاطي.
تؤكد
الحقائق العلمية بأن تعاطي المخدرات يُساهم في تعطيل وصول الدم للمناطق التناسلية،
وزيادة كبيرة في حالات الضعف الجنسي المبكر، وضعف في الحيوانات المنوية وصولاً لمرحلة
العقم.
إنشغال
أحد أفراد الأسرة بتربية الأبناء نتيجة السفر والغياب المستمر عن المنزل بالنسبة للأب،
فضلاً عن خروج الأم من البيت وقضائها آوقاتاً طويلة يعرض آبنائها لمسلكياتٍ خاطئة حيثُ
تصبح السمة الغالبة في حياتهم يمارسونها عن قصدٍ أو بغير قصد.
ساهم
استقدام الآيدي العاملة الآجنبية من مختلف البلدان الآسيوية إلى دول الخليج إلى جلب
العديد من السلوكيات المنحرفة مثل إخفاء المواد المخدرة، وتجنيد بعض ضعاف النفوس لمساعدتهم
في بيعها وترويجها.
الدور
السلبي لوسائل الإعلام في عرض بعض الإفلام والمسلسلات والبرامج التلفزيونية التي تتسم
بالعنف والإثارة مما تترك الإثر السلبي للمشاهدين وخاصة فئة الإطفال والمراهقين للولوج
في دائرة التعاطي.
الاسلوب
اللاتربوي من قبل المدرسين وقسوتهم في غالبية الإحيان يدفع بعض الطلبة للهروب من المدرسة
وسلوكهم مسلكيات خاطئة من شأنها أن تدفعهم إلى عالم الإنحراف والتعاطي، حيث يرون بأنها
البيئة الأنسب لإحتضانهم.
إن
انعدام دخل المتعاطي يدفعه إلى ارتكاب الجرائم في بعض أشكالها وصورها كالنصب، والإهمال،
والاحتيال، وزيادة المشاكل الزوجية بين آفراد الأسرة، والتنكر لمبادئ الأمانة والشرف.
التعاطي
المستمر للمخدرات والإدمان عليهاا من شأنها الإضرار بالنفس البشرية، حيثُ تؤثر على
إنتاجية الفرد، وإضاعة جزءاً من الثروة القومية للدولة والتي كان من الممكن زراعتها
والاستنفاع منها.
تضافر
الجهود الوقائية مجتمعةً مع بعضها البعض في إطار تكاملي يسهم في الحفاظ على مجتمعٍ
مستقر نسبياً، حيثُ أن التغاضي عن جهدٍ واحد من شأنه أن يسهم في خلق حالةٍ من الفوضى
والإرباك داخل أيّ مجتمعِ من المجتمعات.
قائمة المراجع:-
1. أحمد، عبداللطيف. الآثار الاجتماعية لتعاطي المخدرات.
الرياض: المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب. 1992م.
2. الدمرادش، عادل. الإدمان مظاهره وعلاجه. الكويت:
المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. 1993م.
3. السعد، صالح. المخدرات والمجتمع. عمان: دار الثقافة
للنشر. 1996م.
4. سلامة غباري، محمد. الإدمان أسبابه- ونتائجه- وعلاجه
دراسة ميدانية. الإسكندرية: المكتب الجامعي الحديث. 1999م.
5. سلامة غباري، محمد. الإدمان خطر يهدد الأمن الاجتماعي.
الاسكندرية: دار الوفاء. ط1. 2007م.
6. سويف، مصطفى. المخدرات والمجتمع نظرة تكاملية. الكويت:المجلس
الوطني للثقافة والفنون والآداب. 1996م.
7. صفوت مختار، وفيق. مشكلة تعاطي المواد النفسية المخدرة.
القاهرة:دار العلم والثقافة. ط1. 2005م.
8. الفيروز آبادي، مجدالدين. القاموس المحيط. بيروت:دار
إحياء التراث العربي. ط1. 1412ه.
9. محمد هلال، ناجي. إدمان المخدرات رؤية علمية واجتماعية.
القاهرة: دار المعارف. 1999م.
10.
محمود
درويش، صفوت. مكافحة المخدرات بالتربية والتعليم. مصر: منشأة المعارف. 1996م.
11.
مشاقبة،
محمد أحمد. الإدمان على المخدرات الإرشاد والعلاج النفسي. عمان: دار الشروق.ط1.
2007م.
12.
المهندي،
خالد حمد. المخدرات وآثارها النفسية والاجتماعية والاقتصادية في دول مجلس التعاون لدول
الخليج العربية. قطر: مركز المعلومات الدنائية لمكافحة المخدرات لمجلس التعاون لدول
الخليج العربية. 2013م.
13.
ميساء،
كمال. أثر المخدرات على الواقع الفلسطيني في حدوث الجريمة ( دراسة في جغرافية الجريمة)
بحث مقدم ضمن مساق جغرافية الجريمة. 2010م.
14.
محمد
حمد، سعد سمير(2008) الخبائث وحكمها في الفقه الاسلامي. رسالة ماجستير غر منشورة. جامعة
النجاح الوطنية، نابلس.
https://abhaskom.blogspot.com/