التغيير
ü
مقدمة :
أدرك الفلاسفة منذ آلاف السنين أن «الشيء الثابت في الحياة هو التغيير».
لقد أدركوا هذه الحقيقة بالرغم أن وتيرة التغيير كانت بطيئة، وذلك مقارنة بالتغيير
الذي ندركه الآن: سريع ومتلاحق. أليس أجدى بأصحاب الأعمال والمديرين المعاصرين أن يكونوا
أكثر مرونة مع التغيرات التي تحيط بهم؟.
ونعطيك، عزيز المدير، النصيحة التالية: "تطورات أو تبدد"، وتركز
هذه النصيحة على أن تقوم بموائمة نفسك مع ما يحدث حولك من تغيير، كما أنها تحثك على
التطوير المستمر، وإلا سيكون مصيرك التقادم والتعرض لخبطات شديدة من المنافسين والموردين
والعملاء والعاملين، إن هذه النصيحة تحذرك بأنك إن لم تتطور فإنك ستتبدد. ويعطيك الكتاب
الذي بين يديك المعارف اللازمة حول التطور التنظيمي، بل ويركز على إعطائك مدخلا عمليا
لبناء مهاراتك في هذا المجال من خلال التركيز على الخطوات العملية للتغيير التنظيمي،
والنصائح و «الروشتات» الإدارية المجربة للنجاح في التغيير.
يعنيا لتغيير التنظيمي في أبسط تعاريفه بأنه ذلك التغيير المخطط الذي
يركز على كل أو بعضا لأنظمة المتكاملة بغرض رفع وتحسين فعالية المنظمة، وفي هذا الفصل
سنركز ليس فقط على معنى التغيير، بل سنتطرق إلى أنواع التغيير الممكن أن يحدث داخل
المنظمات، وكيف أن التغيير من حولنا يفرض التطوير التنظيمي.
وعليه يتطرق البحث إلى الموضوعات
التالية:
• ماهية التغيير التنظيمي؟
• أنواع التغيير التنظيمي.
• الضغوط الخارجية تفرض
التغيير التنظيمي.
• الضغوط الداخلية تفرض
التغيير التنظيمي.
ماهية التغيير
للتغيير التنظيمي.
خطة لتحسين جزء أو كل المنظمة تعتمد على تعاون الأطراف المرتبطة بالمنظمة،
وتأخذ في الحسبان دراسة البيئة المحيطة بها لتحديد العلاجات والتدخلات المناسبة.
ووفقا لهذا التعريف فإن التغيير له جوانب مختلفة يجب التعرف عليها:
1- خطة: بمعنى أنه جهد متعمد يحدد خطوات، ومسئوليات محددة، وجدول زمني،
وميزانية التغيير، وذلك بفرض تحقيق نواتج تمس تحسين أشياء معينة في المنظمة.
2- للتحسين: إن أي تغيير يجب أن يركز على تحسين أداء المنظمة ككل أو
جزئيا، فتحسين كفاءة أحد الأقسام، وتحسين الإنتاجية في أحد الفروع، وقوية التعاون،
وتنمية المشاعر الإيجابية، كلها أمثلة للتحسين.
3- جزء أو كل المنظمة: قد يركز التغيير على جزء أو كل المنظمة، فهو
قد يركز على تحسين مهارات أو سلوكيات بعض الأجزاء، أو تحسين الوظائف، أو تغيير في أهداف
وطرق العمل في بعض الأقسام، أو وضع أنظمة جديدة، أو تعديل في الهياكل التنظيمية، أي
أنه قد يركز على واحدة أو بعض من هذه المجالات.
4- يعتمد على مجهود تعاوني: يحتاج تشخيص المشاكل وعلاجات تعاون بين
بعض الأطراف مثل المديرين، والموردين، والعاملين، والإدارات، والأقسام الأخرى، والمستشارين
الخارجيين.
5- ويعتمد على دراسة البيئة: إن التغييرات البيئية التي تحدث حول وبداخل
المنظمة تفرض ضرورة التغيير في المنظمة، فأي تغيير في البيئة السياسية والاجتماعية
والاقتصادية، وأيضا التغيير في المنافسين، والمساهمين، والموردين، والعملاء، وأيضا
التغيير الداخلي في الموظفين والهياكل التنظيمية وأنظمة العمل تؤدي بالتبعية إلى ضرورة
إحداث تغييرات تنظيمية تهدف إلى التواكب والتكيف مع ما يحدث في البيئة، وكل هذا يحتاج
إلى دراسة منظمة.
6- العلاجات والتدخلات: تؤدي دراسة البيئة إلى تشخيص المشاكل، والتي
تؤدي بالتبعية إلى تحديد العلاج الملائم والذي يعبر عنه بتدخلات إدارية وأنظمة للتطوير.
ü أنواع التغيير
من الضروري لمن يدرس أو يمارس التغيير التنظيمي أن يتعرف على أنواعه،
حيث يضيف ذلك أبعاد من المعرفة والمهارة، وقدرة على السيطرة على ما يحدث فيه.
1- حسب مدى التغطية: Depth
أ- تغيير كلي Total Development: وهو يشمل نظام بكامله كمنظمة أو إدارة
أو قسم أو مصنع أو الأفراد، وهو بهذا الشكل عبارة عن التغيير الكلي، أن اللجوء إلى
الخصخصة، أو الاندماج، أو الجودة الشاملة هو مثال للتطوير الكلي.
ب- تغيري جزئي Partial Development: وهو يشمل عناصر أو أجزاء في أحد الأنظمة
أو بعض الأنظمة، وهو بهذا الشكل يمثل التغيير الجزئي، فمحاولة تدريب العاملين في إحدى
الأقسام، أو إجراء حركة تنقلات داخل إدارة، أو تحديث التكنولوجيا في إحدى الإدارات
هو نوع من التغيير الجزئي.
2- حسب ما يتم تغطيته: What to cover
أ- كل المنظمة: مثل الاندماج، والاستحواذ، وإعادة الهيكلة الكلية في شتى مجالات المنظمة،
وإدارة الجودة الكلية.
ب- إدارة أو قسم: حينما تعاني إحدى الإدارات فشلا (مثل إدارة الإنتاج) يعاد النظر إليها
كليان فقد يعاد تنظيمها، أو تفتيتها، أو دمجها، أو تنشيط فرق العمل فيها.
ج- مصنع: بسبب فشل زريع أو حريق أو كارثة يعاد
النظر في المصنع من كافة جوانبه، حيث يعاد بناؤه، أو يعاد تحديث التكنولوجيا فيه، أو
تقليل عمالته، أو غلقه للأبد.
د- أفراد: كتطوير المهارات الشخصية والسلوكية والفنية
والإدارية لأفراد المصنع معين، وتعتبر برامج التدريب بمختلف أنواعها مثال مهم في هذا
المجال، كما تعتبر قرارات الترقية، والنقل من القرارات الخاصة بالتطوير التنظيمي على
مستوى الأفراد.
3- حسب درجة الهيكلة: Structure
أ- تغيير شكلي structured: أي محدد الشكل، ومحدد النتائج، ومحدد
في التدخلات، وفي باقي عناصر التطوير، أي أنها خطة رسمية محددة الخطوات، وموزعة في
مسئولياتها على أطراف مختلفة، ولها جداول زمنية، وميزات للصرف.
ب- تغيير عفوي Spontaneous: هو تطوير بسبب النشوء والارتقاء والنمو الطبيعي للأشياء، ويحدث دون تدخل
يذكر، ويتسم بأنه يحدث من داخل الأنظمة، ولتحمس بعض المسؤولين، وبشكل غير رسمي تقريبا.
4- حسب سرعة التطوير:
أ- تغيير تدريجي Evolutionary: وهو تطور بطيء وتراكمي يترك الفرصة للتعلم من التجارب السابقة والبناء
عليها شيئا فشيء. وهو يشابه النمو الطبيعي للفرد، حيث يتم بسبب النضج والتعلم والخبرة.
ب- تغيير فجائي وثوري Revolutionary : وهو تطور سريع ومتلاحق وفجائي. ويرى البعض أن لطمة على الوجه تفيق المنظمة
وتعيدها إلى مسارها مرة أخرى، وأن التطوير البطيء قد يعطي فرصة لقوى المعارضة للظهور
وإحداث ارتباكات، وأنه يجب تفويت الفرصة عليهم.
5- حسب الشكل والمضمون Form Vs. Substance
أ- تغيير شكلي Procedural: ويهتم بالإجراءات والشكل Form. حيث يركز التطوير على تصميم
أنظمة أو إعادة تصميمها دون الاهتمام بتطبيقها وتنفيذها بشكل سليم. فقيام المنظمة بتبسيط
الإجراءات دون تنفيذها، أو إعادة تصميم الوظائف دون تطبيقها يجعل أي تطوير شكلي أو
إجرائي. ويبقى الحال كما هو عليه.
ب-تغيير في المضمون Content: ويهتم بالأهداف والنتائج والمشاكل
والعلاج والمهارات الإنسانية وجوهر الشيء Substance. فوضع خطط استراتيجية تهتم
بمشاكل المنظمة وتحويلها إلى خطط يشارك فيها العاملون، ويتدربون عليها، ويحصلون على
الصلاحيات التنفيذية لها، ويتابعون تنفيذها يجعل الأمر كله متجها إلى نتائج حقيقية
تهتم بالمضمون وليس الشكل.
ü الضغوط الخارجية تفرض التغيير
تعيش المنظمات اليوم عالم جديد غير الذي كانت تعيشه بالأمس. حتى على مستوى
الدول، اختفت دول وظهرت دول جديدة، والبقاء للدول الأصلح، وبالمثل تتغير الحكومات ويعاد
هيكلتها وفقا للضغوط الدولية والمحلية. وهكذا يمكن القول إن البقاء للحكومات الأصلح،
والبقاء للوحدات الإدارية والبقاء للمديرين الأصلح، والبقاء للعاملين الأصلح.
ولقد ذكرنا في بداية الفصل النصيحة «تطور أو تبدد» ، ذكرنا هذه المقولة
في مقدمة الفصل، والتي توضح كيف أن من لا يتطور مصيره التبدد، ذلك لأن الدنيا من حولنا
تتغير، بل أصبحت وتيرة التغيير في عصرنا الحالي متلاحقة وبسرعة أعلى مما نستطيع أن
ندركه، وعلى تلك المنظمات التي تود أن تبقى في السوق، وأن تنمو فيه أن تدرس ما يحدث
حولها، وتأثير ذلك على أعمال وإدارة هذه الأعمال بالمنظمة.
تفرض سمات العالم المعاصر ضغوط على المنظمات وإدارتها لكي تأخذ شكلا جديدا
مما يجعل المبادئ التقليدية للإدارة تفقد بريقها لأنها لا تتماشى مع سمات العالم المعاصر،
ومع سقوط الإمبراطورية التقليدية للإدارة تظهر قيم جديدة ومعايير حديثة للعمل الإداري،
ومع القيم الحديثة في الإدارة يظهر الاحتياج إلى فكر إداري متكامل يهتم بتحديث المنظمات
وتغييرها إلى الأفضل وهو الفكر الخاص بالتغيير التنظيمي. ويوضح شكل (1-3) الأفكار السابقة،
والتي سيلي شرحها تباعا.
1- سمات العالم المعاصر:
لكي نصل إلى الوضع الراهن في العقود الأولى من القرن الحادي والعشرين،
حدثت أمور في أواخر القرن العشرين غيرت الأوضاع الحالية. وسمات العالم المعاصر هي أمور
أصبحت ملموسة وحياتية ولا يختلف عليها الناس، وإنما يحتاج الأمر أن نذكر بها، لأن هذه
التذكرة تنفع في تبديد ظهور نظريات جديدة للإدارة.
إن القدرة التنافسية للمنظمات تتحدد بمدى قدرة المنظمة على دراسة هذه
السمات المعاصرة. والاستفادة منها، وتحويلها إلى أفكار وقيم وممارسات إدارية تشجع على
التطوير والتغيير الإداري. إن المنافسة لا تعني فقط التنافس بين المنظمات بعضها البعض،
وإنما المنافسة في ممارسات تنظيمية وإدارية في شكل أنظمة عمل، وشبكات وتحالفات استراتيجية،
ورؤى واستراتيجيات جديدة، وطرق جديدة لتنظيم هياكل المنظمة، وممارسات جديدة في تنظيم
العمل الجماعي، وأنظمة جديدة للموارد البشرية. إن هذه الأمثلة تدل على أن المنافسة
الحقيقية. إن هذه الأمثلة تدل على أن المنافسة الحقيقية هي في البحث عن مزايا تنافسية
حقيقية للمنظمة تعطيها دفعة إلى المستقبل وللسيطرة على مقدرات الأمور في الأعمال.
ومن أهم سمات العالم المعاصر للأعمال،
سمات العالم المعاصر للأعمال
1-انحسار الموجة الاشتراكية أمام المد الرأسمالي.
2- تصاعد حدة المنافسة، والبقاء للأصلح.
3- سيطرة آليات السوق (العرض والطلب والأسعار ورغبات المستهلكين)
4- انطلاق تكنولوجي وفكري في كافة المجالات.
5- ثورة المعلومات وشبكات الاتصالات في كافة مجالات الأعمال.
6- العولمة والكونية غيرت من
ممارسة الأعمال.
7- تحرير التجارة العالمية وإدارة الأعمال المرتبطة بها.
8- التكتلات الاقتصادية تسيطر على الاقتصاد العالمي.
9- حماية الملكية الفكرية.
2- سقوط الإمبراطورية التقليدية للإدارة:
أدت سمات العالم المعاصر للأعمال إلى فقدان الثقة في كثير من المبادئ
والأمس والنظريات التقليدية للإدارة، والتي اعتمدنا عليها لعشرات السنوات، وإن كان
هذا يمثل نوع من التضخم والتهويل لما يحدث، إلا أنه يمثل جزء واضح من الحقيقة. وبالرغم
من سادة بعض النظريات التقليدية للإدارة، إلا أن بعضها قد تغير بالفعل، وسنقدم في شكل
(1-5) كثير من الدلائل التي توضح انهيار الإدارة التقليدية، وسيادة الشكل الجديد للإدارة.
(3) القيم الحديثة في الإدارة:
إن تبني مبادئ الإدارة الحديثة يعني أن المنظمات تسعى غرس قيم جديدة للإدارة.
وتشير القيم الإدارية إلى ما تعتز به الإدارة، أو ما تود تحقيقه، أو هي المثاليات أو
المثل الواجب أن يحتذى بها في مجال الإدارة، ويتم ذلك من خلال قيام المنظمات بالاهتمام
بمعايير جديدة للعمل الإداري مثل معايير الاهتمام بالجودة والابتكار وتخفيض التكاليف.
القيم الحديثة في الإدارة
1- الاعتراف بأن البقاء للأصلح
في ظل المنافسة.
2- إرضاء العميل أولا، وأخيرا،
وباستمرار.
3- ضرورة بناء القدرة (أو
الميزة) التنافسية (أي التمييز).
4- السوق والمستهلك هما المحك
الأساسي للأعمال.
5- علاقات مشاركة مع العملاء
ومع الموردين.
6- ضرورة الاهتمام بخدمة العملاء.
7- الاهتمام بالجودة كما يرغبها
ويدركها العميل.
8- الإنتاج في أقل وقت (السرعة).
9- الاهتمام بالأنشطة الإنتاجية
المباشرة.
10- ترك الأنشطة غير المباشرة
للغير.
11- الاهتمام بالبحوث والتطوير
كأساس للتغيير.
12- التغيير هو الشيء الثابت
الوحيد في الأعمال.
13- الاتجاه إلى المستقبل هو
الهدف من التعبير.
14- ضرورة الانفتاح على العالم.
15- ترشيد التكاليف هو أحد القيم
الحديثة للإدارة.
16- تشجيع الابتكار والإبداع
كأساس للتغيير.
17- ضرورة استثمار نظم المعلومات
وتكنولوجيا الاتصال.
18- اللجوء إلى هياكل تنظيمية
جديدة ومرنة.
19- طاقات الموارد البشرية هي
الأساس في الإدارة الحديثة.
20- الاهتمام بالقيادة الإلهامية
والتحولية.
ü صعود نجم التغيير التنظيمي:
بالرغم من أن النشأة التاريخية لعلم التغيير التنظيمي تعود لعشرات السنوات
الماضية، إلا أن صعود نجمها قد ازداد بريقا في السنوات الأخيرة، وذلك للأسباب والمقدمات
التي أوردناها في الصفحات السابقة، وأيضا بسبب ظهور مجموعة كبيرة من أدوات وأساليب
وطرق التغيير التنظيمي الحديثة. ولقد أصبحت مصطلحات مثل المرونة، والتكيف، والتغيير،
والتطوير مصطلحات دراجة وشائعة الاستخدام في مجال الإدارة. وبداخل المنظمات.
ويوضح التالي بعض أساليب وطرق التغيير التنظيمي والتي تشكل في مجموعها
نظرية التغيير التنظيمي الحديثة.
أمثلة من طرق وأساليب التغيير التنظيمي
الإدارة الإستراتيجية Strategic Management
القوائم المتوازنة Balanced Score Card
الهندسة الإدارية Reengineering
إعادة الهيكلة Restructuring
تقليل العمالة Downsizing
الإبداع والابتكار Creativity and Innovation
إدارة الجودة الشاملة Total Quality Management
التحسين المستمر Continuous Improvement
التدمير البناء Creative Destruction
الخصخصة Privatization
الإسناد للغير Outsourcing
المقارنة بالمنافسين Benchmarking
تمكين العاملين Empowerment
تخطيط المستقبل الوظيفي Career Planning
المنظمات المتعلمة Learning Organization
الموظف الشامل Knowledge Worker
القيادة الإلهامية Charismatic Leadership
التدريب بواسطة المشرف Coaching
النصح والإرشاد Mentoring
جماعات العمل المستقلة
Autonomous Work Group
إعادة تصميم الوظائف Work Redesign
جودة حياة العمل Quality of Work Life
حوكمة الإدارة العليا Corporate Governance
ü الضغوط الداخلية تدفع للتغيير
لا تقتصر الأسباب الدافعة للتطوير على البيئة الخارجية، ذلك لأن الأسباب
الموجودة داخل المنظمة تدفع بقوة ناحية التطوير التنظيمي، ويمكن التمييز بين أربعة
أسباب داخلية، هي كالآتي:
• رغبة نمو المنظمة.
• رغبة في تكامل المنظمة.
• تغيير في الإدارة العليا.
• مؤشر لمشاكل داخلية.
1- ضغوط نمو المنظمة
لا تبقى المنظمات على حالها، حيث يؤثر عمر وحجم المنظمة، والمرحلة التي
يمر بها في دور حياة المنتج، وشكل هيكل الموارد البشرية، والقيم الإنسانية السائدة
بالمنظمة على تكوين ضغوط على المنظمة لكي تتغير وتنمو ولكي تنتقل من مرحلة الدخول إلى
السوق، إلى النمو، والاستقرار والنضج، والتوسع، وكل مراحل تحتاج إلى فلسفة عمل وطريقة
إدارة وتنظيم تختلف من مرحلة إلى أخرى. ففي المراحل الأولى للمنظمة يكون العمل والهياكل
في شكل غير رسمي، ومركزي، ويعتمد على العلاقات الاجتماعية المكثفة، وعند الانتقال إلى
مراحل النمو ثم الاستقرار والنضج يحتاج الأمر إلى أنظمة إدارية وهياكل أكثر رسمية ووضوحا،
وإلى تفويض لمزيد ما لسلطات، وإلى خلق مستويات تنظيمية أكثر.
2- الرغبة في تكامل المنظمة:
تعتري المنظمات فترات تبتعد وحداتها (أي أقسامها وإدارتها) عن بعضها البعض.
حيث يؤدي تقسيم العمل والتخصص الشديد إلى ابتعاد الإدارات عن بعضها، واستقلالها بنفسها
مما يؤدي إلى فقدان ميزة التكامل والتنسيق. وهنا تنشأ الرغبة في توحيدها إدارات المنظمة
والتنسيق فيما بينها، أو ما يطلق عليها التكامل.
وتزداد الرغبة في مزيد من التكامل والتنسيق وذلك لأسباب أهمها دخول بعض
الإدارات في مراحل من الصراع والاختلاف الإداري بسبب مشاكل بينها. أو بسبب عدم الاهتمام
بجهود التعاون والتنسيق بين الإدارات، أو بسبب صراع مستويات المنظمة من أعلاها إلى
أدناها حول تفويض السلطة وتمكين العاملين (أو ما يطلق عليه بالصراع بين المركزية واللامركزية)،
أو بسبب الصراع بين رغبة المنظمة في اتباع أنظمة رسمية وبين الرغبة في عدم تحول الأنظمة
الرسمية إلى أنظمة بيروقراطية متشددة وفقدان المرونة في العمل (وهو ما يطلق ليه الصراع
بين الرسمية والمرونة).
3- التغيير في الإدارة العليا:
إن ما يحدث في أعلى الهرم التنظيمي
يؤثر في كل أرجاء المنظمة. أي أن ما يحدث في الإدارة العليا يؤدي إى الاحتجاج إلى تطوير
تنظيمي، وبات واضحا أن أخبار الإدارة العليا في المنظمات الكبيرة تؤثر في سعر السهم
في البورصة والوضع المالي لها في الحال. ومن أهم العناصر التي تحدث في الإدارة العليا
وتؤثر في التغيير التنظيمي ما يلي:
• ضغوط رئيس تنفيذي جديد.
• فساد في مجلس الإدارة.
• صراعات سياسية في الإدارة
العليا.
• الرغبة في حوكمة الشركة
(اي الرقابة على الإدارة العليا).
• استراتيجيات جديدة للشركة
مثل: (الاندماج أو الخصخصة).
• الرغبة في ثقافة تنظيمية
جديدة.
4- مؤشرات المشاكل الداخلية:
حينما تعاني المنظمة من مشاكل داخلية حادة يحتاج الأمر إلى تدخل من خلال
استخدام طرق وأدوات التطوير التنظيمي. ومن أهم المؤشرات إلى وجود مشاكل داخلية ما
يلي:
• انخفاض الإنتاجية.
• انخفاض أدار العاملين.
• كوارث كالانهيار والحريق.
• تدني حاد في سعر السهم.
• انهيار معدل العائد على
الاستثمار.
• انخفاض حاد في الحصة
السوقية.
• انخفاض ملموس في المبيعات.
• تكاليف عالية.
• تسيب العاملين (مثل الغياب
والتأخير والتخريب).
ü
اساسيات
لنجاح التغيير
حتى ينجح التغيير ويتم وفق الأهداف المسطرة له دون عراقيل وصعوبات لابد
أن تأخذ المنظمة في الحسبان بعض الأساسيات المهمة والمتمثلة في:
التغيير مطلوب في كل الحالات لأنه مبدأ ثابت، فحتى لو كانت المنظمة ناجحة
فعليها بالتغيير المستمر، لأن الخطط والاهداف وضعت في ظروف معينة لكن البيئة تتغير
دوما، وهي تؤثر على المنظمة. كما أنه لا يجب أن تنتظر المنظمة ظهور علامة أو مؤشر لاحداث التغيير كتراجع
النتائج أو تقدم المنافسين أو عدم الرضا الداخلي، بل من الواجب عليها دوما احداث التغيير،
فهذا الاخير هو ليس لمعالجة المشاكل ونقاط الضعف بل هو أيضا بتنمية النتائج ونقاط القوة.
التغيير مطلوب في كل الأزمنة ولا يقتصر على المنظمات الفاشلة، فحتى المنظمة
الناجحة عليها التغيير لأن محيطها متغير، وبتغير المحيط يتحول النجاح إلى ركود وجمود.
التغيير ليس لحل مشكلات عابرة وإنما هو عملية تحول جذرية إما لعلاج نقاط
ضعف أو للمحافظة على نقاط قوة يمتد أثرة إلى المدى البعيد.
التغيير ليس بالضرورة أن يتم وفق مراحل معينة، ولكن قد يتم بسرعة أحيانا
نظرا لضرورته والزاميته الآنية، ولا يرتبط نجاح التغيير بمرحليته أو بسرعته إنما يتوقف
نجاحه على عوامل أخرى. ويفضل في كثير من الأحيان التغيير المفاجئ على التغيير المرحلي
لان التغيير المفاجئ لا يعطي فرصة للمقاومة لتنظيم نفسها، ففي دراسة على الشركات الامريكية
وجد أن الشركات التي قامت بتخطيط استراتيجي للتغيير الثلث منها نجح والثلثين منها فشلت
وكان سبب ذلك الفشل اساسا مقاومة التغيير.
التغيير لابد أن يكون شاملا بدءا بالرؤية ونزولا إلى كيفية الوصول إليها،
ولا يقتصر على الاجراءات والطرق فحسب، ففي التخطيط الحديث الرؤية مرنة ويمكن تبديلها.
وتوضع الرؤية لمدة 5 سنوات للمنظمات الصغيرة، ولمدة 10 سنوات للمنظمات المتوسطة أما
المنظمات الكبير فتوضع الرؤية فيها لأكثر من 10 سنوات.
ويقاس حجم المنظمة بعدد موظفيها كما يلي:
منظمة صغيرة: تضم اقل من 100 موظف.
منظمة متوسطة: من 100 إلى 500 موظف.
_منظمة كبيرة: تضم أكثر من 500 موظف.
وهناك استثناءات فشركات التقنية تخطط دوما لـ 5 سنوات مهما كان حجمها،
كما أن المنظمات المدرجة في البورصة فيقاس حجمها بقيمة الأموال التي تديرها وليس بعدد
موظفيها.
كثرة التغييرات ليست مشكلة، فكما يرى البعض أن هذا يمس بالاستقرار ويتسبب
في بلبلة، فهذا صحيح ولكن هذه البلبلة سرعان ما تزول، ولا تستمر لا كثر من شهرين إلى
3 أشهر ،فلماذا تحرم المنظمة نفسها من التغيير بسبب هذا المبرر؟ . إذا التغيير يمكن
احداثه كلما باستمرار ولا نتركه بسبب البلبلة،
فقد تكون امام المنظمة فرصا أو تهديدات يحتم عليها التغيير باستمرار.
التغيير الأول الذي يجب أن تمارسه القيادات الجديدة في المنظمات هو ليس
تغيير الأشخاص، وإنما لابد من تجديد الثقة ومنح فرص لنفس فريق العمل الذي لم يصل في
أدائه إلى المستوى المطلوب في ظل القيادة السابقة، والذي من المحتمل أن يتغير أداؤه
بالنظر إلى فلسفة ونظرة وأسلوب عمل القائد
الجديد.
التغيير الفعال يرتكز بداية على أقوال وتصرفات القيادات لا مجرد الخطط
والقرارات والتعليمات، فالتصرفات الخاطئة من القيادات تجعل التغيير لا ينجح بمجرد الخطط
والقرارات والتعليمات.
التغيير الجذري يتمثل في تغيير القناعات لا مجرد الاقتصار على تغيير الهياكل
وفرق العمل وتحسين الجودة، وإعادة ترتيب عمليات الإدارة، بل هذه تعتبر تغييرات محدودة
لا تمتد إلى مدى بعيد.
لابد أحيانا من تغيير المسؤولين الكبار حتى يكون التغيير عميقا، لان ذلك
سيؤدي إلى قدوم فلسفة إدارية جديدة، أما مجرد تغيير مسؤولي المستويات الدنيا فهو عبارة
عن تغيير سطحي، قد لا يأتي بنتائج بل قد تبقى الأمور على حالها.
الاهم من تحسين الواقع هو الابداع أي الإتيان بجديد مما لم تقم به من
قبل، فالذي يريد تغييرا طويل المدى عليه أن يركز على الإبداع ، أما الذي يريد تغييرا
قصير المدى فقط فعليه أن يركز على تحسين الواقع الموجود. ويكون الابداع في المنظمة
من خلال الدخول لا سواق جديدة أو انتاج منجات جديدة أو تقديم خدمات جديدة.
أصعب وأهم شيء في التغيير هو تغيير الذهنيات، فهو الأساس في عملية التغيير،
لأن أي تغيير إذا لم يرتكز على تغيير ما يعتقده الشخص، وما يؤمن به وما يعتبره مبدأ
وقاعدة بالنسبة إليه فهذا لن يؤدي إلى تغيير ناجح، بل مجرد ترقيعات وترميمات وتصليحات
مؤقتة سرعان ما ترجع بالأوضاع إلى ما كانت عليه.
ويكون تغيير الذهنيات و العقليات بالدورات التدريبية والتكوينية الفعالة
التي لا تقتصر على مجرد إعطاء المعلومات بل
لابد من تتعداها إلى تنمية المهارات والتغيير القناعات بالإضافة للمعلومات. واذا تغيرت
العقليات سيكون التفكير بطريقة جديدة والعمل بطريقة جديدة، وعندها سيحدث الإبداع؛ إذ
لا يمكن أن نمارس الإبداع بعقليات تقليدية.
من طبيعة التغيير أنه غير مريح ويسبب ألما، ولا يوجد تغيير بلا ألم لان
افراد المنظمة تعودوا على طريقة عمل معينة ستتغير، وعلاقات معينة ستتغير أو ستتكسر، وتقنية معينة ستتغير، كل هذه الأمور
تحدث ألما لكن يقدم التغيير عليها، إذا فالتغيير لا يمكن أن يمارسه الضعفاء ويحتاج
لشخصية قوية ومستعدة لأي ردة فعل تغليبا للمصلحة العامة على المصالح الفردية.
من الاحتمالات الكبيرة لفشل المنظمات التمسك بالرؤية التي وضعها المؤسسون
وعدم إعادة النظر فيها وانتقادها، لذا لابد من تغيير رؤية المؤسسون منطرف الجيل الذي
يكون بعدهم لأن الظروف تتبدل وتتغير .
التغيير الفعال الوحيد هو الذي يركز على تغيير الأفراد، إما بتغيير الفرد
أو تغيير عقليته، وأما غير ذلك فهو تغيير قصير المدى. فإذا لم تتغير قدرات الفرد ومهاراته
وقناعاته يبقى التغيير شكليا ولا يحقق أهدافه.
كبار السن يعتبرون عائقا امام
التغيير ويرفضون كل جديد، لذا على المنظمة أخذ هذا الأمر بعين الإعتبار كي لا يفشل
التغيير.
ü
الخاتمة
التغيير في المنظمات ليس ظاهرة عشوائية، بل هو عملية منظمة ومخططة تنفذ
وفق خطة ومنهجية، إلا في الحالات التي يكون فيها التغيير مستعجلا ولا يحتاج إلى وقت
لتنفيذه. والتغيير أيضا ليس رد فعل واستجابة لمعالجة مشكلة معينة، وإنما يمكن أن يتضمن
رصد وتوقع أي تغييرات بيئية محتملة والعمل على تحقيق التغيير التنظيمي اللازم للتأقلم
مع تلك التغييرات.
كما أن التغيير عملية ضرورية ومطلوبة في كل الأحيان ولا يتوقف على ظهور
مؤشرات فشل أو علامات تدهور، بل يصير في تلك الحالة أدعى وأوجب، فالمنظمة الرائدة عليها
المحافظة على مكانتها، والمنظمة الناجحة عليها الدفع إلى التفوق والريادة، والمنظمة
الفاشلة عليها العمل على إجراء تصليحات وتصحيحات، وكل ذلك لن يتأتى إلى بالتغيير.
من جهة أخرى لابد أن يركز القائمون على التغيير على الفرد وبالأحرى ذهنيته،
فالذهنيات هي أساس السلوكات، وإذا لم تتغير الذهنيات فلا أمل في تغيير السلوكيات، ويعتبر
التدريب في هذه الحالة أنجع سبيل وأقصر طريق لذلك، بشرط أن يكون فعالا وأن يستهدف بالإضافة
إلى نقل المعارف والمهارات تغيير القناعات.
ومهما بذلت إدارة المنظمة من جهود في إدارة التغيير إلا أنها غالبا ما
تواجه مقاومة للتغيير، ومهما بذلت أيضا من جهود تجاه مقاومة التغيير فهي غير قادرة
على منعه، إلا أنه بالإمكان التغلب والتخفيف من حدة المقاومة، من خلال التعليم والتثقيف
المتواصل، ودفع الأفراد للمشاركة في التخطيط والإعداد للتغيير، بالإضافة إلى التفاوض
والحوار والدبلوماسية في الإقناع.
ورغم ذلك يبقى على المنظمة أن
تولي أهمية لمقاومة التغيير بأن تراعي مصالح الأفراد عند التغيير وأن تراعي مشاعرهم،
وأن تتعامل مع المقاومة بذكاء، حتى تنجح عملية التغيير ولا تتحول إلى معركة تنقل المنظمة
من السيء إلى الأسوأ.
ü
المراجع
:
http://elearning.univ-ghardaia.dz/course/info.php?id=203&lang=ar
مهارات النجاح للتنمية البشرية بحماية حقوق المؤلفين وكتاب
مقالات تعلم وإبرازهم . ولتوثيق ذلك نود هنا أن نبرز معلومات توثيقية عن كاتب
المقال: الدكتور/
أحمد ماهر