غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم
تعريف
الغزوة إنَّ الحروب أو المعارك بشكلٍ عامّ هي الصراعات المسلحة التي تحدث بين طرفين
اثنين، يدافع كلٌّ منهما على شيء محدد، ولكنَّ بعض هذه الحروب كان لي في الإسلام مصطلحات
خاصّة بها، كمصطلح الغزوة والغزوة هي كلُّ معركة يشارك فيها رسول الله -صلّى الله عليه
وسلّم-، ويخرج فيها بالجيش ليقاتل جيشًا من جيوش المشركين، وكانت عدد الغزوات التي
شارك فيها رسول الله تزيد عن خمس وعشرين معركة، وتختلف الروايات في تحديد الرقم الصحيح،
وهذا المقال سيتناول غزوات الرسول بالترتيب إضافة إلى الحديث عن الفرق بين الغزوة والسرية
في الإسلام.
غزوات
الرسول بالترتيب بعد تعريف الغزوة، سيتم المرور على غزوات الرسول -صلّى الله عليه وسلَّم-
بالترتيب، مع شرح بسيط لكلِّ غزوة من هذه الغزوات، وفيما يتعلق بعدد غزوات الرسول فهو
أمر من الأمور الكثيرة التي اخُتلف عليها، فجاء في الحديث الذي رواه زيد بن الأرقم
أنَّه: "قيل لزيد بن الأرقم: كم غزا النبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- من غزوة؟
قال: تسع عشرة، قيل: كم غزوت أنت معه؟ قال: سبع عشرة، قُلْت فأيهم كانت أول؟ قال: العشير
أو العسيرة، فذكرت لقتادة فقال: العشيرة" ، وتقول روايات السيرة النبوية أيضًا،
إنَّ غزوات الرسول خمس وعشرون غزوة وقيل سبع وعشرون، وقيل تسع وعشرون، والله أعلم.
وأمَّا
فيما يتعلّق بهذه الغزوات فسوف يتم الحديث عن سبع وعشرين غزوة، وشرح كلِّ غزوة على
حدة بشكل بسيط، وفقًا لتاريخ كلِّ غزوة، حيث سيتم الحديث من الأقدم إلى الأحدث، أي
بداية بأول غزوة، ونهاية بآخر غزوة غزاها رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- وهذه الغزوات
هي:
غزوة وَدَّان أو الأبواء:
وهي أوَّل غزوات الرسول
-صلّى الله عليه وسلَّم- حدثت هذه الغزوة في شهر صفر من السنة الثانية للهجرة، في وادي
ودّان الذي يبعد حوالي 250 كم عن المدينة المنورة، وكان هدفها استكشاف الرسول للمناطق
المحيطة بالمدينة المنورة، وإرسال رسالة إلى كلِّ من يتربَّص بالمسلمين ويحسبهم صيدًا
سهلًا.
غزوة بواط:
وقيل هي ثاني غزوات الرسول وقد حدثت هذه الغزوة بعد غزوة ودَّان أو الأبواء وكانت
هذه الغزوة في شهر ربيع الأول من السنة الثانية الهجرية أيضًا وقد أراد رسول الله في
هذه الغزوة قريشًا فتركَ في المدينة السائب بن عثمان بن مظعون وسار حتّى بلغ بُواط
ثم عاد إلى المدينة دون قتال وقعد فيها ما بقيَ من شهر ربيع الأول وقليلًا من شهر جمادى
الأولى.
غزوة العشيرة:
حدثت غزوة العشيرة في شهر جمادى الأولى عام 2 للهجرة، حيث خرج رسول الله وترك
في المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد، حتّى وصل إلى منطقة العشيرة، فعاد ومن معه من المسلمين
دون قتال، وفي بعض الروايات يُقال إنَّ غزوة العشيرة هي أولى غزوات الرسول والله أعلم.
غزوة سفوان:
وتُسمَّى أيضًا غزوة بدر الأولى، وكانت هذه الغزوة في شهر ربيع الأول من العام
الثاني الهجريّ، وكانت هذه بعد غزوة العشيرة حين خرج رسول الله ومن معه من الصحابة
في طلب رجلٍ أغار على مواشي المدينة المنورة وهو "كرز بن جابر الفهري" فخرج
الرسول في طلبه حتّى وصل منطقة سفوان وعاد دون قتال لأن كرز كان قد نجا ومن معه والله
أعلم.
غزوة بدر:
وكانت غزوة بدر في رمضان في السنة الثانية، حدثت عند بئر بدر، فُسمّيت نسبة إلى
مكان حدوثها، انتصر فيها المسلمون على المشركين من قريش، وأعزَّ الله فيها الإسلام،
قال تعالى في كتابه العزيز: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ
ۖ فَاتَّقُوا
اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
غزوة الكُدر من بني سُليم:
خرج رسول الله في هذه الغزوة يريد بني سُليم في شهر شوال من العام
الثاني للهجرة، وترك في المدينة ابن أم مكتوم وقيل ترك في المدينة سباع بن عُرفطة الغفاري،
فبلغ ومن معه ماء الكدر فبقي ثلاث ليالٍ ثم عاد إلى المدينة دون قتال.
غزوة بني قَيْنُقَاع:
غزا رسول الله يهود بني قينُقاع في شهر شوال من السنة الثانية للهجرة،
وحاصرهم في حصونهم خمس عشرة ليلة، وعاقبهم على نقضهم العهد الذي بينهم وبين رسول الله
شرَّ العقاب.
غزوة السويق:
حدثت هذه الغزوة بعد غزوة بدر في شهر ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة، حيث
خرج رسول الله ومن معه لقطع طريق أبي سفيان الذي كان يقود قافلة من قوافل قريش، فبلغ
مكانًا يُسمّى قرقرة الكدر ولم يستطع اللحاق بأبي سفيان فعاد إلى المدينة دون قتال.
غزوة ذي أَمَرَّ:
حدثت هذه الغزوة في شهر محرم، من السنة الثالثة للهجرة، حيث خرج رسول الله
-صلّى الله عليه وسلَّم- ومن معه يرد قبيلة غطفان في نجد وترك في المدينة عثمان بن
عفان -رضي الله عنه- فبقي في نجد شهر صفر، ثم رجع إلى المدينة دون قتال.
غزوة الفرع من بُحْرَان:
وتاريخها في ربيع الآخر من السنة الثالثة للهجرة، حين خرج رسول
الله يريد غزو قريش، حتّى وصل بحران وهو مكان في منطقة الفرع في الحجاز، فبقي فيه ثلاثة
شهر، وعاد إلى المدينة دون قتال أيضًا.
غزوة أُحُد:
كانت غزوة أحد في شوال في العام الثالث الهجري، وكانت هذه الغزوة عند جبل أحد،
فُسميت على اسمه، وقد هُزم المسلمون في هذه الغزوة على يد المشركين من قريش وهي أوَّل
هزمة للمسلمين في غزواتهم.
أحداث غزوة حمراء الأسد:
كانت هذه الغزوة في السنة الثالثة للهجرة في شهر شوال، وحدثت في
منطقة حمراء الأسد التي تبعد عن المدينة عشرين كيلو مترًا، إلى الجنوب، وكان الهدف
منها رد الاعتبار للمسلمين بعد خسارتهم في أحد، فخرجوا وأقاموا ثلاثة أيام في حمراء
الأسد ثم عادوا إلى المدينة دون قتال.
غزوة بني النَّضير:
حدثت في شهر ربيع الأول من السنة الرابعة للهجرة، جنوب المدينة عند بيوت
بني النضير، وكانت بسبب محاولة يهود بني النضير اغتيال الرسول -عليه الصلاة والسلام-
فخرج رسول الله إليهم وحصارهم حتّى طلبوا الخروج من المدينة فأخرجهم منها شرط أن يأخذوا
معهم فقط الإبل ويتركوا السلاح وحصل هذا.
غزوة بدر الآخرة أو غزوة الموعد:
حدثت هذه الغزوة
في شهر شعبان من السنة الرابعة للهجرة، وتُسمى بغزوة بدر الصغرى، وانتصر فيها المسلمون
على المشركين انتصارًا عظيمًا بفضل الله سبحانه وتعالى.
غزوة دَوْمة الجَنْدل:
كانت غزوة دَوْمة الجَنْدل
في شهر ربيع الأول من عام 5 للهجرة، حيث خرج رسول الله إلى الشمال باتجاه دومة الجندل
وهي منطقة تبوط حاليًا ومعه ألف مقاتل، ففرّت قبائل دومة الجندل وبقي رجلٌ واحد أسره
المسلمون وجاؤوا به إلى المدينة فأسلم وغنم المسلمون غنائمَ كبيرة بفضل الله تعالى.
غزوة بني المُصْطلِق:
وكانت غزوة بني المُصْطلِق سنة 5 للهجرة في شهر شعبان، حدثت في المريسيع
وهي ماء لبني خزاعة في وادي قديد، والهدف منها هو رد هجوم بني المصطلق الذين كانوا
يتجمعون للهجوم على المدينة، فهاجمهم المسلمون وانتصروا عليهم انتصارًا كبيرًا وغنموا
غنائم كثيرة.
غزوة الأحزاب أو غزوة الخندق:
وهي واحدة من غزوات الرسول التي كانت في السنة الخامسة للهجرة
في شهر شوال، حين هجم الأحزاب على المدينة، وكان المسلمون قد حفروا خندقًا حول المدينة
لتحصينها، فانتصر المسلمون في خطتهم الدفاعية على تحالف العرب من الأحزاب التي ضمّت
قريشًا وقبائل نجد واليهود.
غزوة بني قُرَيظة:
كانت هذه الغزوة بعد غزوة الأحزاب أو الخندق مباشرة، في شهر ذي القعدة
من السنة الخامسة الهجرية، حيث حاصر رسول الله بني قريظة خمسًا وعشرين ليلة، وحكّم
سعد بن معاذ فيهم فحكم بقتل المقاتلين منهم وسبي نسائهم واقتسام أموالهم، لأنهم غدروا
بالمسلمين في غزوة الخندق، وكان هذا الحكم فيهم حيث نفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
غزوة بني لِحْيان:
وهي من غزوات الرسول التي حدثت في سنة 6 للهجرة في شهر جمادى الأولى،
وكانت هذه الغزوة بين المسلمين وبني لِحيان وتهدف إلى عقاب بني لحيان على غدرهم ببعض
دعاة المسلمين في ماء اسمه ماء الرجيع والله أعلم.
غزوة الحُدَيْبية:
حدثَتْ هذه الغزوة في شهر ذي القعدة من عام 6 هـ.، ولم يحدث فيها أي اصطدام
أو دم، فقد عقد رسول الله وقريش صلحًا يحتوي بنودًا عدّة أهمّها أن يرجع رسول الله
ومن معه إلى المدينة ويعودوا في العام المقبل لأداء مناسك الحج والعمرة والله أعلم
.
غزوة ذي قَرَد:
كانت هذه الغزوة في العام السابع للهجرة في شهر محرَّم، وكان عدد المسلمين
فيها بين 500 و 700 مقاتل، بقيادة رسول الله، وكانوا قد لحقوا بـ 40 رجلًا منهم عيينة
بن حصن الفزاري ومعه جماعة من غطفان كانوا قد أغاروا على الإبل الحوامل التابعة لأهل
المدينة، فلحق بهم رسول الله ومن معه وظفر بهم خير الظفر .
غزوة خَيبر:
إحدى أهم غزوات الرسول التي خاضها المسلمون
على الاطلاق وأشرسها وأعنفها وأطولها، وكانت في شهر محرَّم من السنة السابعة للهجرة،
حيث استطاع المسلمون فيها من فتح حصون خيبر المنيعة وكسر شوكة اليهود في الجزيرة العربية
واغتنموا غنائم كبيرة.
غزوة ذات الرقاع:
حدثَتْ غزوة ذات الرقاع في سنة 7 للهجرة، حيث خرج رسول الله لقتال غطفان
ففرت جموع غطفان ولم يحصلْ قتال أبدًا،.
غزوة فتح مكة:
وكانت هذه الغزوة في رمضان من عام 8 للهجرة، حيث فتح رسول الله فيها مكة وعفا
فيها عن المشركين في مكة المكرمة، وعاد في هذه الغزوة إلى مدينته ومسقط رأسه معززًا
مكرَّمًا، فاتحًا منتصرًا بقدرة الله سبحانه وتعالى.
غزوة حُنين:
حدثت غزوة حُنين في العام الثامن الهجري في شهر شوال، حيث خرج رسول الله لقتال
قبيلتي هوازن وثقيف، وكان قد جمع جيشًا عظيمًا، فغرّ المسلمين عددهم وعتادهم، فانهزموا
بأمر الله تعالى، قال تعالى في محكم التنزيل: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ
إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ
الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ} ، قبل أن تنقلب المعركة ينتصر
جيش المسلمين ببركة دعاء رسول الله وثباته وثقته بربه سبحانه وتعالى.
غزوة الطائف:
وهي غزوة من غزوات الرسول التي كانت في شهر شوال من سنة 8 للهجرة، حدثت بين
المسلمين والذين كان تعدادهم حوالي 12000 مقاتل، وبين قبيلتي هوازن وثقيف وكان الهدف
منها فتح الطائف، والقضاء على القوات الفارّة من غزوة حُنين، والله أعلم.
غزوة تَبُوك:
وكانت غزوة تبوك في السنة الهجرية التاسعة في شهر رجب، وكانت هذه الغزوة بين
جيش الرومان ومن معهم من القبائل العربية المتحالفة معهم، ولم يحدث أي صدام لأن جيش
الروم الذي كان يقدر بأربعين ألف مقاتل تشتت ونفرّق خوفًا من ملاقاة المسلمين الذين
كان عددهم ثلاثين ألفَ مقاتل، وكانت هذه آخر غزوات الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
الفرق بين الغزوة والسرية
بعد ما جاء من حديث عن غزوات الرسول بالترتيب، فإنَّه سيتم المرور
على الفرق بين الغزوة والسرية في الإسلام، وإنَّ إظهار الفرق بين أيِّ شيئين يكون من
خلال تعريفين الشيئين المقارن بينهما، وفيما يلي تعريف كلٍّ من الغزوة والسرية على
حدة: الغزوة: يمكن تعريف الغزوة على أنَّها كلُّ معركة خاضها المسلمون وخرج فيها رسول
الله، وفي الغالب يكون رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قائد الجيش في كلِّ الغزوات.
السرية: هي كلُّ المعارك التي خاضها المسلمون ولم يشارك بها رسول الله -صلّى الله عليه
وسلّم- ومن هذه السرايا سرة عبد الله بن جحش، وسرية سيف البحر أو سرية حمزة بن عبد
المطلب، والله أعلم