القائمة الرئيسية

الصفحات

البُيوع المنهيُّ عنها


البُيوع المنهيُّ عنها


https://abhaskom.blogspot.com

 (1) بيع السلعة قبل قبضها:

إذا اشترى المسلم شيئًا ما، وأراد بيعَه، وجب عليه أولًا أن ينقُل هذا الشيء من المكان الذي اشتراه منه، ثم يبيعه كما يشاء.
 روى مسلم عن ابن عباسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من ابتاع طعامًا فلا يبِعْه حتى يقبضه))، قال ابن عباسٍ: وأحسب كل شيءٍ بمنزلة الطعام؛ (مسلم ـ كتاب البيوع ـ حديث 30).
 القبض يتحقق بنقل السلعة من محل البائع إلى محل المشتري.
روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لقد رأيت الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتاعون جزافًا، يعني الطعام، يُضرَبون أن يبيعوه في مكانهم حتى يُؤووه إلى رحالهم؛ (البخاري حديث 2137 / مسلم حديث 1527).
روى أبو داود عن ابن عمر قال: ابتعتُ زيتًا في السوق، فلما استوجبته لنفسي، لقيني رجلٌ فأعطاني به ربحًا حسنًا، فأردت أن أضرب على يده، فأخذ رجلٌ من خلفي بذراعي، فالتفتُّ فإذا زيد بن ثابتٍ، فقال: لا تبِعْه حيث ابتعتَه حتى تحوزه إلى رحلك؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم؛ (حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني حديث 2988).
 فائدة مهمة:
اعلم أخي الكريم: أن نقل المشتري للسلعة من مكان بيعها إلى مكان آخر لا سلطان للبائع عليه، كافٍ لصحة البيع؛ (فتاوى اللجنة الدائمة جـ 13 صـ 258: صـ 259).
 روى أبو داود عن ابن عمر أنه قال: كنا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم نبتاع الطعام، فيبعث علينا مَن يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكانٍ سواه قبل أن نبيعه، يعني جزافًا؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 2982).

 (2) بيع التاجر ما ليس عنده:

هو أن يذهب المشتري إلى تاجر يطلب منه شراء سلعة معينة، وهذه السلعة ليست موجودة عند هذا التاجر في هذا الوقت، فيتفقان على الثمن عاجلًا أو مؤجلًا، ثم يذهب التاجر، بعد هذا الاتفاق، ويشتري هذه السلعة ويسلمها للمشتري على ما اتفقا عليه،وهذا النوع من البيوع غير جائز؛ لأن الاتفاق على ثمن السلعة قد تم فعلًا قبل أن يتملكها البائع.
 روى أبو داود عن حكيم بن حزامٍ قال: يا رسول الله، يأتيني الرجل فيريد مني البيع ليس عندي، أفأبتاعه له من السوق؟ فقال: لا تبِعْ ما ليس عندك؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 2991).

 فائدة مهمة:

صورة بيع غير مشروعة:

قد يحتاج شخصٌ لشراء سلعة ما، فيذهب إلى أحد الأغنياء ويطلب منه أن يشتري له هذه السلعة، فيتفقان على ثمن السلعة، وذلك قبل شرائها وتملُّكها، وبعد هذا الاتفاق يذهب صاحب المال فيشتري السلعة ويعطيها لطالبها.
 هذا البيع باطل؛ لأن الاتفاق على ثمن السلعة قد تم فعلًا قبل تملكها، وفي هذا مخالفة واضحة لقول نبينا صلى الله عليه وسلم: ((لا تَبِعْ ما ليس عندك)).

 صورة البيع المشروعة:

يقوم صاحب المال بشراء السلعة المطلوبة وينقلها إلى مكانه، ثم يعرضها على المشتري قائلًا: هذه السلعة بالتقسيط بمبلغ كذا، فإن رضي المشتري فالحمد لله، وإن لم يوافق، فلا حرج في ذلك، ويقوم صاحب المال بالتصرف في السلعة.

  (3) بيع الأشياء المحرمة وآلات اللهو:

لا يجوز للمسلم أن يبيع شيئًا محرمًا ولا مفضيًا إلى حرام؛ فلا يجوز بيع المَيْتة، ولا الدم، ولا الخنزير، ولا تماثيل لذوات الأرواح، ولا عنبًا لمن يتخذه خمرًا، ولا يجوز بيع الدخان ولا المخدِّرات، ولا الخمور، ولا آلات اللهو؛ كآلات الموسيقا، وكأشرطة الغناء، والفيديو، التي تشتمل على الأغاني والأفلام، والمسرحيات، والمسلسلات، التي تدعو إلى الرذيلة ومساوئ الأخلاق؛ (شرح السنة للبغوي جـ 8 صـ 28 / روضة الطالبين جـ 3 صـ 352 / المغني لابن قدامة جـ 6 صـ 358).
 وكذلك بيع السلاح للمتخاصمين وقت الفتنة، وأيضًا بيع الكلاب؛ لأن هذا من باب التعاون على الإثم والعدوان.
 قال الله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: 2].
 وقال تعالى: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ [المائدة: 3].
 روى الشيخان عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة: ((إن الله ورسولَه حرَّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام))، فقيل: يا رسول الله، أرأيتَ شحوم الميتة؛ فإنها يُطلَى بها السفن، ويُدهَنُ بها الجلود، ويستصبِحُ بها الناس؟! فقال: لا، هو حرامٌ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: ((قاتَل اللهُ اليهودَ؛ إن الله لَمَّا حرَّم شحومها، جَمَلوه، ثم باعوه فأكلوا ثمنَه))؛ (البخاري حديث 2336 / مسلم حديث 1581).
روى البخاري وأبو داود عن عبدالرحمن بن غُنْم الأشعري قال: حدثني أبو عامرٍ أو أبو مالكٍ الأشعري، والله ما كذَبني: سمِع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليكونَنَّ مِن أمتي أقوامٌ يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوامٌ إلى جنب عَلَمٍ يروح عليهم بسارحةٍ لهم يأتيهم، يعني الفقير، لحاجةٍ، فيقولون: ارجع إلينا غدًا، فيُبيِّتهم الله، ويضَع العَلَم، ويمسخ آخرين قردةً وخنازير إلى يوم القيامة))؛ (البخاري حديث 5590) (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 3407).
 قال الإمام الذهبي - رحمه الله -: المعازف: اسمٌ لكل آلات الملاهي التي يُعزَف بها؛ كالزَّمْر، والطنبور، والشبابة، والصنوج؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 21 صـ 158).
 وقال ابن حجر العسقلاني - رحمه الله -: المعازف: جمع معزفة، وهي آلات اللهو؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 10 صـ 53).

 (4) بيع الغَرَر:

بيع الغررهو كل بيع اشتمل على شيء مجهول، أو تضمَّن خطرًا يلحَق أحد المتعاقدينِ، فيؤدي إلى ضياع ماله.
روى مسلمٌ عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاةِ، وعن بيع الغَرَر؛ (مسلم حديث 1513).
 قال الإمام النووي - رحمه الله -: النهيُ عن بيع الغرر أصلٌ من أصول الشرع، يدخُل تحته مسائلُ كثيرة جدًّا، ويُستثنى مِن بيع الغَرر أمرانِ؛ أحدهما: ما يدخل في المبيع تبعًا، بحيث لو أُفرِد لم يصِحَّ بيعه، والثاني: ما يتسامح بمثله، إما لحقارته، أو للمشقة في تمييزه، ومِن جملة ما يدخل تحت هذين الأمرين: بيع أساس البناء (تبعًا للمنزل)، واللبن في ضَرْع الدابة، والحمل في بطنها (هذه أمثلة للأمر الأول)، والقُطن المحشو في الجبة (مثال للأمر الثاني)؛ (المجموع للنووي جـ 9 صـ 258).

 ومن أمثلة بيع الغرر المنهيِّ عنه:

بيع اللبن في الضرع، والصوف على ظهر الدابة، واللؤلؤ في الصدف، والحمل في البطن، والسمك في الماء، والطير في الهواء، وبيع العبد الآبق، والجمل الشارد،وما شابه ذلك من البيوع التي تشتمل على الغَرر؛ (مسلم بشرح النووي جـ 5 صـ 416)، (المغني لابن قدامة جـ 6 صـ 289: صـ 302).

  (5) بيع العِينةِ:

المقصود ببيع العِينة: أن تبيع سلعةً ما بثمن محدد، إلى أجل مسمى، إلى شخص ما، وتسلمها إليه، ثم تشتريها من نفس المشتري قبل قبض الثمن المؤجَّل بثمن نقدًا، أقلَّ من الثمن المؤجل؛ (مسلم بشرح النووي جـ 6 صـ 14).
 وسميت بالعِينة؛ لأن البائع يشتري نفس العين التي باعها.
 وهذا النوع من البيع حرامٌ؛ لأنه ذريعةٌ إلى الرِّبا، وإن كان في صورة بيع وشراء.
روى أبو داود عن ابن عمر قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا تبايعتم بالعِينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضِيتم بالزرع، وتركتم الجهادَ - سلَّط الله عليكم ذلًّا لا ينزعه حتى ترجِعوا إلى دِينكم))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 2956).

  (6) بيع الثُّنْيَا:

المقصود بالثُّنْيَا: الاستثناء في البيع.
لا يجوز للمسلم أن يبيع شيئًا ويستثني بعضه، إلا أن يكون هذا الشيء المستثنى معلومًا، فإذا باع رجل بستانًا، فلا يجوز له أن يستثني منه نخلة أو شجرة غير معلومة؛ لِما في ذلك مِن الجهالة.
 روى الترمذي عن جابرٍ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المُحاقَلة والمُزابَنة والمُخابَرة، والثُّنْيا إلا أن تُعلَمَ؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1036).

 قال الشوكاني:

فإن كان الذي استثناه معلومًا، نحو أن يستثني واحدةً من الأشجار، أو منزلًا من المنازل، أو موضعًا معلومًا من الأرض - صحَّ بالاتفاق، وإن كان مجهولًا، نحو أن يستثني شيئًا غير معلومٍ، لم يصحَّ البيعُ؛ (نيل الأوطار للشوكاني جـ 5 صـ 248).

  (7) تلَقِّي الرُّكبان:

المقصود بتلقِّي الركبان: هو أن يتلقى شخصٌ طائفةً من الناس يحملون متاعًا إلى بلد، فيشتريه منهم قبل قدومهم البلد ومعرفتهم بالسعر؛ (روضة الطالبين للنووي جـ 4 صـ 413).
 روى البخاري عن عبدالله رضي الله عنه قال: مَن اشترى محفَّلةً، فليرد معها صاعًا، قال: ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تلقِّي البيوع؛ (البخاري حديث 2164).
 وروى البخاريُّ عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يبيعُ بعضُكم على بيع بعضٍ، ولا تلَقَّوُا السِّلع حتى يُهبَط بها إلى السوق))؛ (البخاري حديث 2165).

قال ابن قدامة موضحًا سبب النهي عن هذا البيع: لأن ذلك يؤدي إلى الضرر بأهل البلد؛ لأن مَن يتلقَّى الركبان لا يبيعون السلعة في الحال، بل ينتظرون ارتفاع الأسعار؛ (المغني لابن قدامة جـ 6 صـ 312: صـ 313).

صور تلقِّي الركبان:

قال ابن حجر العسقلاني: ذكَر إمام الحرمين في صورة التلقي المحرَّم أن يكذب في سعر البلد ويشتري منهم بأقل من ثمن المثل، وذكر المتولي فيها أن يخبرهم بكثرة المؤنة عليهم في الدخول، وذكر أبو إسحاق الشيرازي أن يخبرهم بكسادِ ما معهم ليَغْبِنَهم؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 4 صـ 438).

 استرداد السلعة:

مِن حق صاحب السلعة أن يستردَّها ويفسخ العقد ممن تلقَّاه، إذا وصل إلى السوق وعلم أن المشتريَ قد بخسه في الثمن.
روى الترمذي عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُتلقَّى الجَلَبُ، فإن تلقاه إنسانٌ فابتاعه، فصاحب السلعة فيها بالخيار إذا ورد السوق؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 975).

 (8) بيع النَّجْشِ:

المقصود ببيع النَّجْش: الزيادة في ثمن السلعة ممن لا يريد شراءها؛ ليقَع غيرُه فيها؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 4 صـ 416).
 لا يجوز للتاجر أن يتفق مع شخص ما أن يتقدم أثناء وجود المشتري، فيرفع ثمن السلعة، وهو لا يريد شراءها؛ ليقتديَ به المشتري، فيظن أنه لم يرفع ثمن هذه السلعة إلا أنها تستحق ذلك، فيغتَرَّ بذلك ويزيدَ هو أيضًا في ثمن السلعة،وهذا البيع حرام؛ لأن فيه غشًّا للناس.
روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النَّجْشِ؛ (البخاري حديث 2142 / مسلم حديث 1516).
 قال ابن أبي أوفى: الناجش آكلُ ربًا خائنٌ،وقال البخاري عن النَّجْش: هو خداع باطل لا يحلُّ؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 4 صـ 416).

 المزاد العلني والمناقصة:

البيع بالمزاد العلني مشهور معلوم، حيث تُعرَض السلعة، ويُذكَر ثمن، ويطلب البائع - أو وكيله - الزيادة، ويستمر المزاد حتى لا يوجد من يزيد، وبذلك يتحدد سعر السلعة، فالمزايدة تأتي تبعًا لعرض البائع، حيث يريد أعلى ثمن.
 وأما المناقصة فهي أن تعلن شركة ما عن حاجتها إلى معدات أو آلات أو سيارات أو غيرها، وتذكر المواصفات المطلوبة، وتعرض هذا في مناقصة لمن يقوم بتوريدها وبيعها بأقل ثمن، وفي المناقصة يكون العرض من المشتري ليصل إلى أقل ثمن.
وكلٌّ من المزايدة والمناقصة بيعٌ صحيح، جائز شرعًا، ولا ضرر فيه، طالما خلا من الغش والخداع؛ (فقه البيع للسالوس صـ 51: صـ 54).

  (9) عَسْبُ الفَحْل:

المقصود بعَسْبِ الفَحْل: أي ماء الذَّكَر من كل حيوان، فرسًا كان أو جملًا أو تيسًا أو غير ذلك؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 4 صـ 539).
 روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن عَسْبِ الفحل؛ (البخاري حديث 2284).
هذا الحديث دليل على أنه لا يجوز استئجار الفحل للضِّرَابِ، والأجرة حرامٌ؛ لأنه غير مُتقوِّمٍ ولا معلومٍ، ولا مقدور على تسليمه؛ (المغني لابن قدامة جـ 6 صـ 302)، (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 4 صـ 539).

 (10) بيع المحاقَلة، والمخاضَرة، والملامَسة، والمنابَذة، والمزابَنة:

روى البخاري عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقَلة، والمخاضَرة، والملامَسة، والمنابَذة، والمزابَنة؛ (البخاري حديث: 2207).

 بيع المحاقلة:

المحاقلة في اللغة: مأخوذة من الحقل، وهو مكان الزرع.
المحاقلة في الشرع: بيع الزرع في الحقل بحَبٍّ مِن جنسه.
مثلبيع القمح في سنبله بقمحٍ مدروس؛ (المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 156).

بيع المخاضرة:

المخاضرة: بيع الزرع الأخضر، والثمرة قبل بُدُوِّ صلاحها، بغير شرط القطع؛ (المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 156).

 بيع الملامسة:

الملامسة: أن يبيع التاجر لشخصٍ شيئًا، ولا يشاهده المشتري، على أنه متى لمسه المشتري وقع البيع؛ (المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 156).

 بيع المنابَذة:

المنابذة: أن يقول المشتري للبائع: أيَّ ثوبٍ ألقيتَه إليَّ، فقد اشتريتُه بكذا جنيهًا، وذلك قبل أن يقلبه المشتري أو ينظر إليه؛ (المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 156)، وهذا البيعُ لا يصحُّ بسبب الجهالة.

 بيع المزابنة:

المزابنة في اللغة: مأخوذةٌ من الزبن، وهو الدفع الشديد، كأن كل واحدٍ من المتبايعين يدفع الآخر عن حقه؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 4 صـ 449).
المزابنة في الشرع: بيع ما في رؤوس الشجر من الثمر بدل ذلك الجنس من الثمر.
مثل: بيع العنب قائمًا في شجره بالزبيب كيلًا، أو بيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر، (إلا في العرايا)؛ (إتحاف الكرام لصفي الرحمن المباركفوري صـ 233).

  (11) المخابرة:

روى مسلمٌ عن جابر بن عبدالله، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة، وعن بيع الثمر حتى يبدُوَ صلاحُه، ولا يباع إلا بالدينار والدرهم، إلا العرايا؛ (مسلم حديث: 1536).
 معنى المخابرة: إعطاء الأرض إلى من يزرعها ويعمل عليها، مقابل ما يخرج من جميع الأرض؛ كالثلث والربع وغير ذلك، وهذا أمرٌ مشروعٌ.
وأما المخابرة المنهيُّ عنها في هذا الحديث: فهي تخصيص بعض الأرض للمالك، وبعضها للمزارع، فربما يسلَم هذا ويهلِك هذا، أو العكس، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ (المغني لابن قدامة جـ 5 صـ 309).

(12) بيع حَبَلِ الحَبَلة:

روى الشيخانِ عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان أهل الجاهلية يتبايَعون لحوم الجزور إلى حَبَلِ الحَبَلَة، قال: وحَبَل الحَبَلة: أن تنتج الناقة ما في بطنها، ثم تحمل التي نتجت، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ (البخاري حديث: 3843، مسلم حديث: 1514).
 حَبَل الحَبَلة: أن تنتج الناقة أنثى، ثم تحمل هذه الأنثى التي وُلِدت؛ (المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 157).
 هذا البيع فاسدٌ؛ لأنه بيع شيءٍ معدومٍ، فإذا لم يجُزْ بيعُ الحمل، فبيعُ حملِه أَوْلى؛ (المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 157).

  (13) بيع الحصاة:

روى مسلمٌ عن أبي هريرة، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرَر؛ (مسلم حديث: 1513).
 صور بيع الحصاة:
أن يقول البائع للمشتري: ارمِ هذه الحصاة، فعلى أي ثوبٍ وقعت، فهو لك بدرهمٍ.
أو أن يقول البائع للمشتري: بِعْتُك من هذه الأرض مقدار ما تبلغ هذه الحصاة، إذا رميتها، بكذا.
أو أن يقول البائع للمشتري: بعتك هذا بكذا، على أني متى رميت هذه الحصاة، وجب البيع.
وكل هذه البيوع فاسدةٌ؛ لِما فيها مِن الغرَر (الخداع) والجهل؛ (المغني لابن قدامة جـ 4 صـ 157).

  (14) بيع بيعتينِ في بيعة:

للبيعتين في بيعة عدة صور، منها: قول الرجل لآخرَ: بِعتُك داري هذه بكذا، على أن تبيعني دارك هذه بكذا، أو تؤجر لي كذا.
 ومنها: أن يقول التاجر للمشتري: بِعتُك هذه الساعة بمائة جنية نقدًا، أو بمائة وخمسين مؤجلة إلى ثلاثة أشهر، ثم يفترقا على ذلك دون بيان أي السعر قد تم الاتفاق عليه؛ (شرح السنة للبغوي جـ 8 صـ 143) (المغني لابن قدامة جـ 6 صـ 332: صـ 333).
 هذا النوع من البيع نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يحتوي على جهالة.
 روى الترمذي عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتينِ في بيعةٍ؛ (حديث صحيح) (صحيح سنن الترمذي للألباني حديث 985).
 حكم البيع بالتقسيط:
تجوز الزيادة في الثمن المؤجل عن الثمن الحالِّ، كما يجوز ذكر ثمن المبيع نقدًا وثمنه بالأقساط لمدد معلومة، ولا يصح البيع إلا إذا جزم العاقدانِ بالنقد أو التأجيل؛ (فتوى مجمع الفقه الإسلامي - فقه البيع للسالوس صـ 735: صـ 736).

  (15) بيع الثمار قبل اكتمال نُضجِها:

لا يجوز بيع الثمار قبل نُضجِها؛ وذلك مخافةَ التلَفِّ وحدوثِ العاهة بها.
 روى البخاري عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدوَ صلاحُها، نهى البائعَ والمبتاع؛ (البخاري حديث 2194).

 فائدة مهمة:

قال السيد سابق (رحمه الله): فإن بِيعت الثمار قبل بُدُوِّ صلاحها والزرعُ قبل اشتداد الحَبِّ، بشرط القطع في الحال، صح، إن كان يمكن الانتفاع بها، ولم تكن مشاعة؛ لأنه لا خوف في هذه الحال من التلَف، ولا خوف مِن حدوث العاهة؛ (فقه السنة للسيد سابق جـ 4 صـ 53).

  (16) بيع المصرَّاة من الأنعام:

التصرية: جمع اللبن في الضرع.
لا يجوز للمسلم أن يترك الناقةَ أو البقرة أو الشاة عدة أيام حتى يجتمعَ اللبن في ضرعها؛ ترغيبًا للناس في شرائها؛ لأن في ذلك غشًّا للناس، وقد نهانا النبيُّ صلى الله عليه وسلم عنه.
 روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تُصَرُّوا الإبلَ والغنَمَ، فمَن ابتاعها بعدُ، فإنه بخيرِ النظَرين بعد أن يحتلبها، إن شاء أمسَك، وإن شاء ردَّها وصاعَ تمرٍ))؛ (البخاري حديث 2148).
 قال ابن قدامة: مَن اشترى مصراةً مِن بهيمة الأنعام، لم يعلَمْ تصريتَها، ثم علِم،فله الخيارُ في الرد والإمساك.
 رُوِي ذلك عن ابن مسعودٍ وابن عمر وأبي هريرة وأنسٍ، وإليه ذهب مالكٌ وابن أبي ليلى والشافعي وإسحاق وأبو يوسف، وعامة أهل العلم؛ (المغني لابن قدامة جـ 6 صـ 216).

  (17) بيع العُرْبون:

المقصود ببيع العُرْبون: أن تشتري سلعة ما، وتدفع إلى البائع مبلغًا معينًا، على أنك إن أخذت السلعة، احتسبتَه من الثمن، وإن لم تأخذها فهذا المبلغ تتركه للبائع، وهذا النوع من البيوع منهيٌّ عنه، وهو مذهب مالك والشافعي وأصحاب الرأي، ويروى ذلك عن ابن عباس والحسن البصري، ورجَّحه ابن قدامة والشوكاني؛ (المغني لابن قدامة جـ 6 صـ 331: صـ 332)، (نيل الأوطار للشوكاني جـ 5 صـ 251).

  (18) البيع عند أذان الجمعة والصلوات المفروضة:

لا يجوز للمسلم أن يبيعَ أو يشتريَ سلعة وقت النداء لصلاة الجمعة، من صعود الإمام على المنبر إلى أن ينتهي من الصلاة؛ وذلك لقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الجمعة: 9، 10].
قال الإمام القرطبي - رحمه الله -: منَع الله عز وجل منه عند صلاة الجمعة، وحرَّمه في وقتها على مَن كان مخاطَبًا بفرضها. 
والبيع لا يخلو عن شراء، فاكتفى بذكر أحدهما؛ (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ 18 صـ 104).
 قال السيد سابق: يقاس على الجمعة غيرُها من سائر الصلوات؛ (فقه السنة للسيد سابق جـ 4 صـ 50).

 (19) البيع في المساجد:

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيع في المساجد؛ لأن هذا يتعارض مع قُدسيَّتِها، والغرض الذي بُنِيَت من أجله، ألا وهو الصلاةُ وذِكر الله تعالى؛ (المغني لابن قدامة جـ 6 صـ 383).
قال تعالى: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [النور: 36 - 38]. 
روى الترمذيُّ عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأيتم مَن يبيع أو يبتاع في المسجد، فقولوا: لا أربح اللهُ تجارتك، وإذا رأيتم مَن ينشُد فيه ضالةً، فقولوا: لا رَدَّ الله عليك))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1066).

  (20) بيع التلجئة:

هو أن يُظهر الإنسانُ بيعَ سلعتِه لفلان، ويكون قد اتفق معه في الباطن أن هذا البيعَ غيرُ منعقِد، أو يُظهر أنه قد باعها له بألف جنيه، مع أنه قد باعها له بخمسمائة جنيه، وإنما يفعل ذلك إنقاذًا لسعلته من البيع لوفاء ديونه، مثلًا، أو إنقاذًا لها من إنسان ظالم يريد أن يستلبَ من أمواله، أو لئلا يأخذها الشريكُ أو الجارُ بالشُّفعة؛ (الموسوعة الفقهية الميسرة لقلعجي جـ 1 صـ 388).

قال ابن قدامة:

بيع التلجئة باطلٌ؛ لأنهما (أي المتعاقدينِ) ما قصَدا البيع، فلم يصحَّ منهما، كالهازلينِ؛ (المغني لابن قدامة جـ 6 صـ 308).

  (21) بيع المسلم على بيع أخيه المسلم:

لا يجوز للتاجر المسلم أن يبيع على بيع أخيه المسلم، ومثال ذلك: أن تقول لمن اشترى سلعة من تاجر آخر بمبلغ مائة جنيه: رُدَّها إلى صاحبها وأنا أبيع لك أفضل منها بثمانين جنيهًا، ومثال آخر: أن تقول لشخص باع سلعة ما بمبلغ ألف جنيه لأحد الناس: افسخِ العقدَ وأنا أشتريها منك بألف ومائة جنيه؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 414: صـ 415).
 وهذا النوع من البيوع قد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ينشر العداوة بين الناس.
روى الشيخان عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يبيعُ بعضُكم على بيع أخيه))؛ (البخاري حديث 2139 / مسلم حديث 7).

فائدة مهمة:

قال ابن حجر العسقلاني تعليقًا على هذا الحديث: قال الجمهور: لا فرق في ذلك بين المسلم والذِّمي، وذِكر الأخ خرج للغالب، فلا مفهومَ له؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 4 صـ 414).

(22) بيع الدَّين بالدَّين:

المقصود ببيع الدَّين: أن يكون لك على شخص ما دَيْن، مقداره قنطار من القطن مثلًا، فتبيع هذا الدَّين لشخص قبل أن تقبضه بمبلغ محدد إلى أجل مسمى،أو أن يقترض منك شخص ما كمية معلومة من الأخشاب إلى أجل مسمى، فإذا حل الأجل، وعجز هذا المدين أن يرد إليك الدَّين، يقول لك: أنا أشتري منك هذه الأخشاب بمبلغ كذا إلى موعد كذا، هذا النوع من البيوع لا يجوز؛ لأن ذلك في حكم بيع المعدوم بالمعدوم؛ (بداية المجتهد جـ 2 صـ 233)، (سبل السلام جـ 3 صـ 62)، (نيل الأوطار للشوكاني جـ 5 صـ 254).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا يجوز بيع هذا الدَّين الذي هو دَين السَّلَم قبل قَبضِه، لا من المستلف ولا من غيره، في مذهب الأئمة الأربعة، بل هذا يدخُل فيما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيع ما لم يقبض،وقد يدخل في ربح ما لم يضمن أيضًا، وإذا وقع هذا البيع فهو فاسدٌ؛ (مجموع فتاوى ابن تيمية جـ 29 صـ 500: صـ 501).

  (23) بيع حاضرٍ لبادٍ:

المقصود ببيع حاضر لبادٍ: أن يقدَمَ إلى البلد رجلٌ غريب بسلعة يريد بيعها بسعر الوقت ليرجع إلى وطنه، فيأتيه بلديٌّ فيقول: ضَعْ متاعك عندي لأبيعه لك على التدريج بأغلى من هذا السعر؛ (روضة الطالبين للنووي جـ 3 صـ 412)، (المغني لابن قدامة جـ 6 صـ 308).
 هذا النوع من البيع نهى عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
 روى مسلمٌ عن جابرٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يَبِعْ حاضرٌ لبادٍ، دَعُوا الناسَ يرزُقِ اللهُ بعضَهم مِن بعضٍ))؛ (مسلم حديث 1522).
 قال ابن قدامة تعليقًا على هذا الحديث: متى تُرك البدويُّ يبيع سلعته، اشتراها الناس برُخصٍ، ويوسع عليهم السعر، فإذا تولى الحاضر بيعَها، وامتنع من بيعها إلا بسعر البلد،ضاق على أهل البلد،وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم في تعليله إلى هذا المعنى؛ (المغني لابن قدامة جـ 6 صـ 309




هل اعجبك الموضوع :
التنقل السريع