الاحماض والقواعد الكيميائية
يُعرَّف المركب
الكيميائي بأنه المادة المكوّنة من نوعين مختلفين أو أكثر من ذرات العناصر الكيميائية
بنسب محددة وثابتة، وفي بنية واضحة وثابتة، ويشار إلى المركبات عادةً من خلال الصيغ
الكيميائية لها (بالإنجليزية:
chemical formula)، وتتكون المركبات من اتحاد مواد أبسط عبر التفاعلات
الكيميائية، إذ قد تتكون مباشرةً من العناصر المكونة لها، أو عن طريق تفاعل عنصر مع
مركب آخر، أو تفاعل المركبات فيما بينها، أو وجود سلسلة من التفاعلات التي تحتوي على
عناصر، ومركبات بسيطة كتكوين الجزيئات المعقدة مثل البروتينات، ويمكن تصنيف المركبات
الكيميائية وفق عدّة معايير مختلفة، ومنها أنواع التفاعلات الكيميائية التي من المحتمل
أن تخضع لها، ويعدّ تصنيف المركبات الكيميائية إلى أحماض وقواعد أحد تصنيفات معيار
التفاعلات الكيميائية.
الأحماض والقواعد توجد طرق وتعريفات عديدة لتحديد
الأحماض والقواعد، والتي تختلف في شموليتها، ولا تتعارض مع بعضها البعض، ومن أكثر هذه
التعريفات شيوعاً نظرية أرهينيوس Arrhenius للأحماض
والقواعد، ونظرية برونستد- ولوري Brønsted-Lowry، ونظرية
لويس Lewis، كما
أعطى بعض العلماء ملاحظات حول الأحماض والقواعد أمثال أنطوان لافوازييه، وهمفري ديفي،
وجوستوس، ولكنهم لم يعطوا تعريفات رسمية لها.
نظرية
أرهينيوس للأحماض والقواعد اقترح العالم سفانت أرهينيوس في العام 1884م أن هناك مركبات
ككلوريد الصوديوم أو ملح الطعام تكوّن جزيئات مشحونة عند إذابتها في الماء، وهي الأيونات،
وفي عام 1887م توصل إلى نظرية أفادت في اقتراح أن الأحماض هي التي تتأين في الماء لإنتاج
أيونات الهيدروجين H+ (التي
أعطت الأحماض خصائصها)، وأيونات أخرى سالبة، مما يزيد من تركيز أيونات الهيدروجين في
الماء، بينما عّرفت نظرية أرهينيوس القواعد على أنها المادة التي تزيد من تركيز أيونات
هيدروكسيد OH- عند إذابتها
في الماء، ومن الأمثلة على هذه النظرية حمض الهيدروكلوريك HCl الذي يشكّل حمض أرهينيوس، وهيدروكسيد
الصوديوم الذي يشكّل القاعدة، فعندما يتفاعل هذين المركبين معاً يتفكك هيدروكسيد الصوديوم
إلى أيونات الصوديوم والهيدروكسيد، بينما يتفكك حمض الهيدروكلوريك إلى أيونات الكلور
وأيونات الهيدروجين، حيث ترتبط أيونات الهيدروجين مع الهيدروكسيد لإنتاج الماء، كما
ترتبط أيونات الصوديوم والكلور لإنتاج كلوريد الصوديوم كما في المعادلة الآتية: (HCl+NaOH = NaCl+H2O).[٤] نظرية برونستد-لوري تُعرف نظرية
برونستد-لوري أيضاً باسم نظرية البروتونات للأحماض والقواعد، وتعود هذه النظرية إلى
الكيميائي الإنجليزي ثوماس لوري، والكيميائي الدنماركي يوهانس برونستد اللذين قدماها
بشكل مستقل في العام 1923م، وتشير النظرية إلى أنّ الحمض هو أي مركب يمكنه منح بروتون
لأي مركب آخر، بينما يُشكل المركب الذي يستقبل البروتون القاعدة، ويُعرف البروتون بأنه
الجسيم النووي المشحون بشحنة كهربائية موجبة واحدة، والذي يمثله الرمز H+، ويُشار إلى أنّ المادة قد تتصرف كحمض عند وجود
قاعدة فقط، وقد تتصرف كقاعدة عند وجود حمض فقط، ويشكّل فقدان الحمض للبروتون قاعدةً
تسمى القاعدة المرافقة للحمض، بينما يسمى الحمض الناتج عن اكتساب القاعدة للبروتون
الحمض المرافق للقاعدة، ومن الأمثلة على نظرية برونستد لوري تفاعل حمض الهيدروكلوريك،
والأمونيا التي تمثل القاعدة.
نظرية لويس تعود نظرية لويس للأحماض والقواعد إلى
الكيميائي الأمريكي غيلبرت لويس الذي اقترحها في العام 1923م، وهي النموذج الأقل تقييداً،
والذي لا يتعامل مع البروتونات أبداً، بل يهتم بالإلكترونات بشكل أساسي، حيث عرّف الحمض
على أنه أي مركب قادر على الارتباط بزوج من الإلكترونات الحرة الموجودة في جزيء آخر
في التفاعل الكيميائي، بينما عرّف القاعدة على أنه الجزيء الذي يحتوي على زوج من الإلكترونات،
ومن الأمثلة على أحماض لويس كلوريد الألمونيوم، وثلاثي فلوريد البورون، والسيليكا،
والألومونيا، ومن الأمثلة على القواعد الأمونيا ومشتقاتها العضوية، وأكاسيد الفلزات
القلوية والفلزات القلوية الترابية، ومعظم الذرات والجزيئات التي تحمل شحنة كهربائية
سالبة (أنيون).
خصائص الأحماض والقواعد وصف روبرت بويل Robert Boyle خصائص الأحماض والقواعد
في العام 1661م، ويمكن استخدام بعض هذه الخصائص للتميز بينها بسهولة دون إجراء اختبارات
معقدة، ومن هذه الخصائص ما يأتي:
تمتلك الأحماض طعمياً حامضياً، إذ ترجع كلمة Acid إلى اللغة اللاتينية، والتي تعني
الحمض، بينما تمتلك القواعد مذاقاً مراً. تغير الأحماض صبغة عباد الشمس، والذي يعدّ
صبغاً نباتياً ذو لون أزرق من لونه الأزرق إلى اللون الأحمر، بينما لا تغير القواعد
لون عباد الشمس، بل تعيد لونها إلى اللون الأزرق.
تسبب الأحماض
التآكل. تمتلك القواعد ملمساً صابونياً، أو لزقاً. تتفاعل الأحماض مع القواعد لتكوين
الأملاح والماء، وبالمثل فإن القواعد تتفاعل مع الأحماض لتكوينها. محاليل الأحماض والقواعد
موصلةً للتيار الكهربائي. عندما تتفاعل الأحماض مع المعادن النشطة كالفلزات القلوية،
والزنك، والألمنيوم، والفلزات القلوية الأرضية فإنها تطلق غاز الهيدروجين.
الرقم
الهيدروجيني يشير الرقم الهيدروجيني pH إلى
تركيز أيونات الهيدروجين (H+) في المحلول،
والتي يمكن تحديدها تجريبياً، والتعبير عنها بالرقم الهيدروجيني، ويتدرج هذا المقياس
بين 0 إلى 14، حيث يعدّ المحلول الذي يحمل الرقم 1 الأكثر حمضياً، بينما يعد المحلول
الذي يحمل الرقم 14 أكثر قاعدية، وقد تكون الأحماض التي تمنح البروتونات قويةً، مما
يعني أنها تتفكك بشكل كامل في المحلول، وكلما زادت هذه البروتونات في المحلول زادت
حموضته، وقلّ الرقم الهيدروجيني له، ويعد الرقم الهيدروجيني عاملاً مهماً للنظم البيولوجية
المختلفة، إذ يحدد الكائنات الحية الدقيقة القادرة على البقاء والنشاط في بيئة ما،
كما أن اضطرابه وتغيره بدرجة كبيرة قد يوقف نمو الكائنات الدقيقة لعدّة أسباب كالتغير
في شكل البروتينات الناتج عن وجود زيادة في أيونات الهيدروجين، مما يؤدي إلى وقف إحدى
وظائفها الحيوية، وبالتالي تهديد بقاء الكائن الحي الدقيق.