القائمة الرئيسية

الصفحات


دافع الأمـــومة


مقدمة :
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله الكريم أما بعد ، لا يمكن الحديث عن المرأة دون الحديث عن الأمومة ، فهي من أقوى خصائصها ووظائفها منحها الله إياها لتعمر بها الحياة ، ولذلك ارتبطت فكرة الأمومة في المجتمعات القديمة بالألوهية وذلك حين كان هناك اعتقاد بأن المرأة هي التي تنجب بذاتها أي أنها مصدر الخلق ، ومن هنا انتشرت الآلهة الأنثى بمسميات مختلفة . ثم حين اكتشف الرجل أن وجوده ضروري لأن تنجب المرأة ظهرت الآلهة الذكورية جنباً إلى جنب مع الآلهة الأنثوية ، ثم حين اكتشف الرجل خلال الحروب والمنازعات أنه جسمانياً من المرأة أقوى وأنه مسئول عن حمايتها حاول الانفراد بفكرة الألوهية ، وحين تجاوزت الإنسانية هذه المراحل واستنارت بصيرتها بنور الوحي الإلهي وعرف الإنسان التوحيد وتواترت الديانات إلى أن وصلت إلى الدين الخاتم الذي أعلى من مقام الأمومة والأبوة حتى جعله تاليا لمقام الربوبية في قوله تعالى :
" وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً . إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما إفٍ ولا تنهمرهما وقل لهما قولاً كريماً * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيراً " (الإسراء 23 – 24)
*الدوافـع..
تعددت تعاريف الدوافع حتى أن المطلع على كتب علم النفس يجد تعاريف كثيرة ومتنوعة نذكر منها
-     الدافع : هي حالة فسيولوجية و نفسية داخل الفرد تجعله ينزع إلى القيام بأنواع معينة من السلوك في اتجاه معين و تهدف الدوافع إلى خفض حالة التوتر لدى الكائن الحي و تخليصه من حالة عدم الاتزان
-     الدافع : هو عبارة عن حالة داخلية جسمية أو نفسية لا نلاحظها مباشرة بل نستنتجها من الاتجاه العام للسلوك الصادر عنها ، و تثير السلوك في ظروف معينة و تواصله حتى ينتهي إلى غاية معينة ..
-     الدافع : هو الطاقة المحركة للنشاط و توجيه سلوك المتعلمين..
-     الدافع : هو كل ما يدفع إلى السلوك ، ذهنياً كان هذا السلوك أو حركياً..
إذن فالبحث عن القوى الدافعة التي تظهر سلوك الكائن الحي وتوجهه أمر أساسي ليس بالنسبة لعملية التعلم وحدها إنما أيضا بالنسبة لكافة مظاهر السلوك الإنساني التي لا يمكن معرفتها على حقيقتها إلا إذا عرفنا الدوافع التي وراءهـا..
و لو القينا نظرة بسيطة على حياتنا اليومية لوجدنا أن وراء كل سلوك نقوم به دافع معين أو عدة دوافع تتكامل مع بعضها و ينتج عنها السلوك .. فالجوع يدفعنا للبحث عن الطعام و كذلك العطش يجعلنا نبحث عن الماء و بالمثل الذهاب إلى المدرسة أو الجامعة طلباً للعلم .. و النوم بحثاً عن الراحة .. و التحدث مع الآخرين للتعبير عن أرائنا و وجهات النظر و غير ذلك من جوانب حياتنا ... فكل ما نقوم به لابد أن يكون هناك دافع أو عدة دوافع تحركنا لتحقيقها ..
الدافع هو المحرك الأساسي وراء أوجه النشاط المختلفة التي يكتسب الفرد عن طريقها أشياء جديدة أو يعدل عن طريقة سلوكه أو بمعنى آخر هو المحرك الرئيسي وراء عملية التعلم.
إن وجود دافع شي أساسي من غير شك في عملية التعلم ونقصانه قد يؤدي إلى توقف الكائن الحي عن ممارسة أوجه النشاط التي تمكنه من السيطرة على الموقف التعليمي وتقلل من فرصة التعلم ، كما أن زيادة الدافع عن الحد الطبيعي تعمل على عدم ظهور الاستجابة الصحيحة إذا كانت غير مباشرة وهذا يضاعف من الوقت والعمل المبذولين للوصول إلى حل ناجح عن طريق الاستجابة غير المباشرة.
ونلاحظ مثل هذه الحالة في كثير من المواقف التعليمية ، ففي القسم مثلا عندما يعمل التلاميذ تحت ظروف دافع غير عادي كالمنافسة الشديدة لحل التمرينات والرغبة في الوصول إلى حلها قبل الآخرين. عندها يندفع التلاميذ لحل المسائل باستخدام الأساليب المعروفة. فإذا كان الحل يتطلب التفكير في نوع جديد من الأساليب عجز التلاميذ بحكم اندفاعهم عن تبين الطريق الصحيح.
و قد أثبت هذه الحقيقة العالم هــل و استشهد على ذلك بتجربة سبق أن أجراها كوهلر و هذه التجربة توضح تأثير الدافع على السلوك ، حيث قام كوهلر بإلقاء الطعام على بعد من كلبته خلف حاجز ترى الطعام من خلاله و لاحظ أنها تسرع إلية راسمة قوساً كبيراً خلف الحاجز ، ثم كرر التجربة و لكن في هذه المرة قام بإلقاء الطعام خلف الحاجز مباشرة تحت انفها بحيث يفصل الحاجز بينها و بين الطعام ، و لاحظ في هذه الحالة أنها تحاول الوصول إلى الطعام متجاهلة وجود الحاجز فأخذت تدفع بأنفها مرة تلو الأخرى دون أن تحاول الالتفاف حول الحاجز و علل سلوكها بأن زيادة الدافع عن الحد الطبيعي دفعها للاستجابة بقوة للحصول على الطعام.
*مـدى تأثيـر الدافــع:
لا توجد أدنى علاقة لقوة الدافع بالفترة التي يستغرقها تأثيره فهناك دافع قصير المدى مثل الجوع ، فالجوع مهما كانت قوته فان تأثيره ينتهي بمجرد تناول الطعام و علية ينبغي العناية بالدوافع طويلة المدى بالنسبة للمواقف التعليمية حيث أنها تؤثر في سلوك الفرد فترة زمنية أطول كما أن الأهداف التربوية بطبيعتها بعيدة المدى و ليست مؤقتة و من ثم تستلزم دوافع من هذا النوع المؤقت قصير المدى إلا أنها في ذات الوقت و سائل لأهداف أبعد و أغراض أسمى و أرفع ..
*أنـواع الدوافع:
هناك نوعان رئيسيان من الدوافع دوافع تنشأ عن حاجات الجسم الخاصة بوظائفه العضوية والفسيولوجية كالحاجة إلى الطعام والماء والجنس وهذا النوع من الدوافع لا يتعلمها المرء أو يكتسبها ولكنها موجودة فيه بالفطرة وان تعلم شيئا يتعلق بها فهو التحكم فيها.
وهناك دوافع أو حاجات تأتي نتيجة نمو الفرد أو اتصالاته بالآخرين واحتكاكه بظروف الحياة العامة و ما تقتضيه هذه الظروف.
ويطلق على النوع الأول من الدوافع في العادة اسم الدوافع الأولية أو الفسيولوجية والنوع الثاني الدوافع الثانوية أو الاجتماعية أو المكتسبة.
-     الدوافــع الأوليــة ( الفطرية أو البيولوجية ):
لا يقصد بالدوافع الأولية تلك الدوافع التي يكتسبها الفرد من بيئته عن طريق الخبرة و المران و التعلم ، و إنما هي عبارة عن استعدادات يولد الفرد مزوداً بها و لهذا فهي تسمى أحياناً بالدوافع الفطرية أو الدوافع البيولوجية ..
والدوافع الأولية تكاد تكون هي الدوافع المؤثرة في سلوك الكائنات الحية دون الإنسان وتظهر أثارها بشكل واضح في سلوكه وتصرفاته ولذلك يمكن التحكم في سلوكها تبعا للتحكم في الدوافع البيولوجية المسيطرة عليها.
أما بالنسبة للإنسان فيبدو أن الدوافع الأولية أقل تأثيراً في حياته ولا تظهر بوضوح وراء تصرفاته ولكن ذلك يتوقف إلى حد بعيد على درجة إشباع هذه الدوافع.
ولزيادة التوضيح يمكن أن تمثل العلاقة بين الدوافع الأولية والثانوية في شكل تنظيم هرمي تحتل قاعدته الدوافع الأولية ثم يأتي بعدها متجهه إلى قمة الهرم الدوافع الثانوية. ووجود الدوافع الأولية في قاعدة الهرم..
و لا يعني هذا أنها اقل أهمية وإنما تعني أنها الأساس وأنها تتحكم في ظهور الدوافع الثانوية بعد ذلك في عملها. فالدوافع الثانوية لا تظهر ولا تعمل إلا إذا أشبعت الدوافع الأولية التي في قاعدة الهرم
-     الدوافــع الثانويــة :
وهي التي تنشا نتيجة تفاعل الفرد مع البيئة والظروف الاجتماعية المختلفة التي تعيش فيها، و تعتمد في تكوينها على خبرات الفرد و ميوله و اتجاهاته و ما يمر به من أحداث و هي خاصة بالإنسان و بعضها مشترك بين جميع أفراده مع فوارق شكلية من بيئة لأخرى ، أما البعض الآخر فهو شخصي يختص بفرد دون آخر . ومن أهم الحاجات التي تنشا عنها هذه الدوافع :
الإنسان في حاجه إلى الغير للشعور بأنه ينتمي إلى جماعة منذ اللحظات الأولى في حياته. نلاحظ ذلك على الصغير واعتماده على أمه في الشهور الأولى من حياته ثم أمه وأبيه وكافة أفراد أسرته بعد ذلك يعتمد على مؤسسات اجتماعيه أخرى (إلى جانب الأسرة)مثل المدرسة ومجموعات الأصدقاء والحياة الاجتماعية بمعناها الواسع.
ومن هنا تبدو أهميه تنظيم العلاقة بين الفرد والجماعة وتوجيه الطفل والشباب إلى أسس التعاون والمشاركة الاجتماعية السليمة وتنشيط كل ما من شأنه تكوين الفرد تكويناً اجتماعياً صحيحاً ولهذا السبب تعتبر الرغبة في العزلة والانطواء مشكله لأنها ليست النمط الطبيعي. فالميل إلى الانطواء يعود في الغالب إلى أسباب تمنع الفرد من حسن التوافق مع الجماعة وتؤدي به إلى سوء الفهم والعزوف عنهم.
هذه الدوافع التي تم ذكرها ليست هي جميع الدوافع الثانوية يصعب حصرها والمجموعة السابقة تمثل عددا أساسيا منها وهناك دوافع أخرى قد تبدو أقل تأثيرا ولكنها موجودة كذلك كدافع السيطرة والتملك والاقتناء وغيرها .
و تلعب الدوافع الاجتماعية الدور الأكبر في حياه الإنسان وفي عملية التعلم بصفة خاصة فالتلميذ يدرس في الغالب ويتعلم تحت تأثير عدد منها .
وواجبنا في جميع الأحوال أن نراعي أثر هذه الدوافع وأن نعمل على استثارتها في الحدود التي تتفق مع مصلحة التلميذ وتشجيعه.معنى الأمومة :
الأمومة مشتقة من الأُمّ ، وأُمّ كل شيء: معظمه ، ويقال لكل شيء اجتمع إليه شيء آخر فضمّه : هو أُم له (فأُمُّه هاوية) القارعة: 9.  والأمومة: عاطفة رُكزت في الأُنثى السوية، تدفعها إلى مزيد من الرحمة والشَفقة.
* التعريف اللغوى
الأم : هي أصل الشيء ، وهى الوالدة ، وهى الشيء يتبعه فروع له .
والأمومة هي نظام تعلو فيه مكانة الأم على مكانة الأب  " ولا شك أن خير وصف يعبر عن الأم وعن حقيقة صلتها بطفلها في لغة العرب هو " الوالدة " وسمى الأب " الوالد " مشاكلة للأم الحقيقية ، أما الأب فهو في الحقيقة لم يلد ، إنما ولدت امرأته . فالولادة إذن أمر مهم ، شعر بأهميته واضعوا اللغة ، وجعلوه محور التعبير عن الأمومة والأبوة والبنوة … وفى القرآن الكريم تأكيد لذلك المعنى في قوله تعالى : " ما هن أمهاتهم ، إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم فلا أم في حكم القرآن إلا التي ولدت "
التعريف الاصطلاحي :
الأمومة هي علاقة بيولوجية ونفسية بين امرأة ومن تنجبهم وترعاهم من الأبناء والبنات .
وهذا هو التعريف للأمومة الكاملة التي تحمل وتلد وترضع (علاقة بيولوجية) وتحب وتتعلق وترعى (علاقة نفسية) . وهذا لا ينفى أنواعاً أخرى من الأمومة الأقل اكتمالاً كأن تلد المرأة طفلاً ولا تربيه فتصبح في هذه الحالة أمومة بيولوجية فقط ، أو تربى المرأة طفلاً لم تلده فتصبح أمومة نفسية فقط .
معنى الأمومة :
الأمومة مشتقة من الأُمّ ، وأُمّ كل شيء: معظمه ، ويقال لكل شيء اجتمع إليه شيء آخر فضمّه : هو أُم له (فأُمُّه هاوية) القارعة: 9.  والأمومة: عاطفة رُكزت في الأُنثى السوية، تدفعها إلى مزيد من الرحمة والشَفقة.
أنواع الأمومة :
مما سبق يتضح أننا أمام أنواع ثلاثة من الأمومة :
-     الأمومة الكاملة (بيولوجية ونفسية) : وهى الأم التي حملت وولدت وأرضعت ورعت الطفل حتى كبر ، وهى أقوى أنواع الأمومة فهي: " المعاناة والمعايشة للحمل أو الجنين تسعة أشهر كاملة يتغير فيها كيان المرأة البدني كله تغيراً يقلب نظام حياتها رأساً على عقب ، ويحرمها لذة الطعام والشراب والراحة والهدوء . إنها الوحم والغثيان والوهن طوال مدة الحمل … وهى التوتر والقلق والوجع والتأوه والطلق عند الولادة . وهو الضعف والتعب والهبوط بعد الولادة . إن هذه الصحبة الطويلة – المؤلمة المحببة – للجنين بالجسم والنفس والأعصاب والمشاعر هي التي تولد الأمومة وتفجر نبعها السخي الفياض بالحنو والعطف والحب . هذا هو جوهر الأمومة : بذل وعطاء وصبر واحتمال ومكابدة ومعاناة " .
-     الأمومة البيولوجية : وهى الأم التي حملت وولدت فقط ثم تركت ابنها لأي سبب من الأسباب وهى أمومة قوية وعميقة لدى الأم فقط . ولكنها ليست كذلك لدى الابن  (أو البنت) ، لأن الأبناء لا يشهدون الأمومة البيولوجية وإنما يشهدون الأمومة النفسية ، ولذلك اهتم القرآن بالتوصية بالأم والتذكير بالأمومة البيولوجية التي لم يدركها الأبناء . قال تعالى : " ووصينا الإنسان بوالديه ، حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين " (لقمان 31) .
-     الأمومة النفسية : وهى الأم التي لم تحمل ولم تلد ولكنها تبنت الطفل بعد فراقه من أمه البيولوجية فرعته وأحاطته بالحب والحنان حتى كبر . وهذه الأمومة يعيها الطفل أكثر مما يعنى الأمومة البيولوجية لأنه أدركها ووعاها واستمتع بها .
-     والأمومة النفسية – سواء كانت جزءاً من الأمومة الكاملة أو مستقلة بذاتها – تقسم إلى قسمين:
·      الأمومة الراعية : وتشمل الحب والحنان والعطف والود والرعاية والحماية والملاحظة والمداعبة والتدليل .
·      الأمومة الناقدة : وتشمل النقد والتوجيه والتعديل والأمر والنهى والسيطرة والقسوة أحياناً .
وفى الأحوال الطبيعية يكون هناك توازن بين فسمى الأمومة فنرى الأم تعطى الرعاية والحب والحنان وفى نفس الوقت تنتقد وتوجه وتعاقب أحياناً . أما في الأحوال المرضية فنجد أن هذا التوازن مفقود فيميل ناحية الرعاية الزائدة والتدليل أو يميل ناحية النقد المستمر والقسوة والسيطرة .
الاستعداد للأمومة :
فقبل التفكير بإنجاب الطفل لا بد من الاستعداد لهذه الخطوة دون الشعور بالخوف، والتأكد من القدرة على إمضاء بعض الوقت مع الطفل، وعلى تربيته تربية حسنة، ويجب اتخاذ هذا القرار بين الزوجين؛ لإنشاء أسرة مستقرة ومحبة لبعضها البعض، ومن الطبيعي بعد ولادة الطفل أنه سيحدث تغيراً كبيراً في حياة الأم؛ فلن يكون هناك الكثير من وقت الفراغ لممارسة الهوايات، أو القيام بالنشاطات والأعمال.
 زرع الحب؛ فحاجة الطفل للحب والعطف لا تقل عن حاجة استنشاق الهواء، فهناك الكثير من الأمهات التي تغيب عن هذه العاطفة؛ مما يؤثر في سلوك طفلها، وتعامله مع الآخرين، ومن المهم التكلم مع الطفل، وإعطاؤه الفرصة للتعبير عن رأيه، والاعتماد على نفسه؛ كي لا تتشكل للطفل شخصية عدوانية، أو انطوائية وعدم ثقته في نفسه. ويمكن زرع الحب في الطفل وإشعاره في ذلك؛ بسماعه، والنظر في عينيه عند الحديث معه، وقول له كلمة أحبك وتكرارها يومياً أثناء النظر في عينه؛ فالتواصل البصري له تأثير كبير في بناء علاقة المحبة بين الأم والطفل، ومن المهم إمساك يدَيْ الطفل ولمسه؛ فاللمس يزيد الإحساس بالود ودفء العلاقة بين الأم والطفل، وكذلك ضم الطفل وتقبيله، والتبسم في وجهه.
 العناية؛ فتتجاهل العديد من الأمهات العناية بنفسها عند إنجاب طفلها، فهذا الأمر خاطئ؛ فلا بد من ترك بعض الوقت للعناية بالبشرة، والشعر، وممارسة الهواية المفضلة، أو الخروج في نزهة مع الأصدقاء، فإنجاب الأطفال لا يعني قضاء الوقت دائماً مع الأطفال، وإهمال النفس للشعور بالتعاسة والاكتئاب، ومن المهم تخصيص ساعة يومياً للجلوس والاسترخاء؛ ويفضل اختيار ساعة عند نوم الطفل.
ومن المهم الاعتناء بالطفل، ونظافته الشخصية، ونظافة أسنانه، وقضاء بعض الوقت معه؛ لسماعه، وسماع الأمور التي يحبها ويكرهها، وتحفيزه دائماً بالهدايا عند القيام بسلوك إيجابي، أو تعلم شيء جديد، وتشجيعه دائماً؛ لتنمية ذكائه، والابتعاد عن عقابه جسدياً عند التصرف بشكل خاطئ، واستخدام أساليب العقاب الحديثة التي لا تحبطه، ولا تفقده الثقة في نفسه، كحرمانه لمدة ساعة من مشاهدة برنامج أطفال يفضله، أو وضعه على كرسي العقاب لمدة نصف ساعة، وشرح لماذا تم عقابه، والطلب إليه التأسف وعدم تكرار هذا الأمر.
أهمية الأمومة :                      
يرى الطفل - في مراحله الأولى على الأقل - في والديه القدوة والأسوة، فينطلق إلى محاكاتهما، وتقليدهما في الألفاظ والحركات والسلوك، بل إن اللغة التي يتعلمها الطفل إنما يتلقاها عن والديه، ثم عمن يحيطون به، فمن هنا كانت مسؤولية الوالدين - والأم خصوصاً - عظيمة في تنشئة الطفل تنشئة صحيحة تتفق مع المنهج الإسلامي الحكيم.
1. الأهمية الدينية:                                                                     
وهناك أولويات ينبغي غرسُها في الطفل، وأول تلك الأولويات العقيدة الإسلامية متمثلةً في أركان الإيمان ثم أركان الإسلام، فـ[ كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ] . كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. (رواه البخاري ومسلم) . ومما يدل على أهمية تربية الوالدين وأثرها في عقيدة الطفل قوله صلى الله عليه وسلم: [ كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو يُنصّرانه أو يمجّسانه] . (رواه البخاري).
وهو الأمر الذي جسده القرآن في وصف والدين صالحين يدعوان ولدهما إلى الإيمان ، لكن بعد فوات الأوان حينما شب وكبر، يقول الله سبحانه وتعالى: (والذي قال لوالديه أُفٍّ لكما أَتَعِدَانِنِي أن أُخرج وقد خَلَت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلَكَ آمِنْ إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين). الأحقاف:17.
وثاني الأولويات بعد العقيدة: التشريع، وهو ما حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم وجعل مسؤولية ذلك تقع على عاتق الوالدين يقول صلى الله عليه وسلم: [مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء السبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرِّقوا بينهم في المضاجع] . (رواه أبو داود) .
ثم يأتي بعد التشريع: الأخلاق ويكون بتعويد الأولاد على محاسن الأخلاق كالصدق والأمانة… وتحذيرهم من مساوئ الأخلاق كالسرقة والكذب والخيانة والسباب والشتائم …، وعلى الأم أن تحرص ألا تأمر بما تذهب هي إلى ما يخالفه، فإن ذلك سينعكس على سلوك الولد.
2.  الأهمية الاجتماعية:
من المعلوم أن البيئة الاجتماعية لها أثر كبير في شخصية الإنسان، وهو الأمر الذي لم يكن يجهله قوم مريم عليها السلام حين قالوا: ( يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سَوْءٍ وما كانت أمُّك بَغِيّا ). م ريم:28.
وهناك تداخل بين النواحي الأخلاقية والاجتماعية والنفسية فالإيثار: هو خُلق له طابع اجتماعي ونفسي لا ينفك عنه وكذلك العفو.
لكن ما نريد أن نركز عليه في الناحية الاجتماعية هو الانبساط في سلوك الطفل الذي تؤدي فيه الأم الدور الأكبر، فعليها أن تنشىء ولدها على الاختلاط بالناس، وتجنبه العزلة والانطواء ليكون له دور فاعل في المستقبل، من هنا سنّ الإسلام تشريعات تكفل تحقيق الألفة بين الأفراد، وهي الآداب الاجتماعية كآداب السلام والاستئذان والحديث والتهنئة والتعزية والعطاس وعيادة المريض.
فالأم هي أول من يكوّن عند الطفل منطلق العلاقات الإنسانية، فلا بد للطفل أن يتجاوز أمه إلى العالم الخارجي، ولا شك أن العلاقة بين الأم والأب ستنعكس على سلوك الطفل ونفسيته، إن خيراً فخير وإن شراً فشر.
3. الأهمية النفسية:
من سنن الله في الأنفس أنه أودع المحبة والسَّكَن في الأم للولد، وفي الولد للأم، هذه هي السنة القويمة السوية، ومن ثم أوجب الله على الأم إرضاع ولدها فقال تعالى: (والوالدات يُرْضِعن أولادهن حولين كاملين). والرضاع يولّد العلاقة الحميمية بين الأم والطفل فيكون لصيقاً بها، الأمر الذي أكده البحث العلمي (فأوجب وضع الوليد على تماسّ حسي مع الأم بعد الولادة مباشرة وذلك لأهمية هذه اللحظات في مستقبل العلاقات اللاحقة بين الطفل والأم، وبين الطفل ومجتمعه ) (الأمومة. د. فايز قنطار، عالم المعرفة، ص72).
وذلك ليشعر بدفء الأم وحنانها منذ اللحظات الأولى من عمره فإن لذلك أثراً كبيراً في تكوين الطفل الاجتماعي ، ومن ثمّ فإن الأم اليَقِظة لسلوك ولدها وحاجاته والقريبة منه تعزّز لديه الثقة بالكبار فيعممها على الآخرين ولا يشعر بالرهبة والفزع عند رؤيتهم ، بينما تكون الأم القليلة الحساسية على العكس من ذلك مما يخلق لديه عدم الثقة والتعلق بالقلق. (انظر فايز قنطار، الأمومة، ص50).
إن الطفل إذا شعر بالأمن في علاقته بأمه يكون أقدر على التفاعل الاجتماعي مع أقرانه والغرباء عنه ، ومن ثمّ كان الجوّ الذي يُحاط به الطفل له الأثر الكبير في حياته. لذلك كله كانت المحاضن والمراضع نقمة على الطفل، لأنها لا توفر له تلك الضروريات التي تكلمنا عليها.
يقول " إيريك فروم ": ( وفائدة حبّ الأم للطفل أنه ضمان مؤكد لاستمرارية حياته وتلبية حاجاته.  أما أنه ضمان لاستمرار حياته فإن لذلك مظهرين:
-     المظهر الأول: أن رعاية الطفل والمسؤولية عنه ضرورة مطلقة لحفظ حياة الطفل ونموه.
-     المظهر الثاني: يذهب إلى أعمق من مجرد الرعاية فهو يغرس في أعماق الطفل ومشاعره أن هناك ما يستحق أن يعيش من أجله، وأن الحياة شيء مفيد وجميل…) (مها عبدالله الأبرش، الأمومة ومكانتها في الإسلام ص:103-104) .
فالأم هي النافذة التي يُطل منها الطفل على العالم، لذلك عليها أن تنشئه على حب الخير للآخرين والجرأة، حتى يشعر بكيانه وقدرته على التفاعل مع المجتمع، فإنه إذا تربى على الخجل والخوف والشعور بالنقص ولّد ذلك في نفسه الحسد والغضب وكره المجتمع ومن ثم يصبح عدوانياً.
4. الأهمية الخُلقية:
سبق أنْ قررنا ما بين الجوانب الاجتماعية والنفسية والخلقية والدينية من تداخل فيصعب الفصل بينها بشكل حدّي.
إن انحراف الأم والأب الأخلاقي سيولّد - لا محالة - الانهيار الأخلاقي في الأسرة؛ لأن الوالدين هما القدوة العليا للطفل - خاصة في سنيه الأولى - فإذا كان ربّ البيت بالدف ضارباً فما بال الولد ؟ ذلك أن الطفل لا يُحسن سوى التقليد في سنيه الأولى حتى يتهيأ له مصادر أخرى للمعرفة فيما بعد كالمعلم والصديق…إخ.
ولقد ضرب الله سبحانه وتعالى مثلاً للأم الصالحة (أم مريم) (وما كانت أمك بغياً ) مريم 28. بشهادة القوم ، ولذلك اتجهت إلى تنشئة ابنتها مريم تنشئة صالحة (إني أعيذها بك وذرّيتها من الشيطان الرجيم). وكذلك الأب: (يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سَوْء).      مريم:28. فهذه البيئة الصالحة أنتجت ذلك الفرد الصالح في المجتمع وهو (مريم)، لذلك كان للبيئة الدور الأكبر في التنشئة الأخلاقية ، ومن ثم كانت ظاهرة السباب والشتائم تعكس سوء التربية الأخلاقية للولد.
هى غريزة من أقوى الغرائز لدى المرأة السوية وهى تظهر لديها فى الطفولة المبكرة حين تحتضن عروستها وتعتنى بها ، وتكبر معها هذه الغريزة وتكون أقوى من غريزة الجنس فكثير من الفتيات يتزوجن فقط من أجل أن يصبحن أمهات ودائماً لديهن حلم أن يكون لهن طفل أو طفلة يعتنين به . ولولا هذه الغريزة القوية لعزفت معظم النساء عن الزواج والحمل والولادة . وغريزة الأمومة أقوى من الحب الأمومى ، لأن الغريزة لها جذور بيولوجية (جينية وهرومونية) أما الحب فهو حالة نفسية أقل عمقاً من الغريزة ، والمرأة حين تخير بين أمومتها وبين أى شىء آخر فإنها – فى حالة كونها سوية – تختار الأمومة بلا تردد .
الأمومة والوظائف :
كثيراً ما تدفع غريزة الأمومة المرأة إلى تفضيل وظائف بعينها مثل التدريس (خاصة للاطفال) والتمريض وطبابة الأطفال ورعاية الأيتام …… إلخ ويبدو هذا التفضيل لغريزة الأمومة فى مثل هذه المهن .
* أنماط من النساء :
فى طبيعة المرأة ثلاث كيانات رئيسية (الأم – الزوجة – الأنثى) يمكن أن تشكل بحسب غلبة أحدها تلك الأنماط النسائية التالية :
1. المرأة الأم (أم العيال) : تتجه بكل مشاعرها نحو أطفالها وتكون مشغولة طول الوقت بهم وتدور كل سلوكياتها حول مركز واحد هو أبنائها . وهذا النموذج يكثر وجوده فى المجتمعات الشرقية .
2. المرأة الزوجة : تتجه بمشاعرها نحو زوجها فتحبه حباً شديداً وتخلص له طول العمر وتكون أقرب إليه من أى مخلوق آخر ، فهما دائماً فى علاقة ثنائية حميمة يقضيان معظم الوقت معاً فى البيت أو فى الرحلات الداخلية أو الخارجية أو فى المتنزهات أو فى المعامل كباحثين (مدام كورى وزوجها) . وهذا النموذج نادر فى المجتمعات الشرقية ولكنه موجود فى المجتمعات الغربية خاصة حين يكبر الأبناء ويغادرون بيت العائلة .
3. المرأة الأنثى (الدلوعة) : وهى امرأة تتميز بالنرجسية وحب الذات وتتجه بمشاعرها نحو نفسها وتتوقع من الجميع أن يدللونها وتغضب منهم إذا أغمضوا أعينهم عنها فهى تريد أن تكون فى مركز الاهتمام دائماً ، وكذلك فهى دائماً مشغولة بجمالها وزينتها وجاذبيتها لذلك تقضى وقتاً طويلاً فى متابعة أحدث الأزياء وأحدث الاكسسوارات ، وتدور كثيراً فى الأسواق ، وتقف كثيراً أمام المرآة ويهمها جداً رأى الناس فيها ولا تحتمل الاهمال وهى فى غمرة انشغالها بنفسها كثيراً ما تنسى أولادها وتنسى زوجها وتنسى كل شئ .
4 . المرآة المتكاملة : وهى التى تتوازن فيها الكيانات الثلاثة فتكون أماً وزوجة وأنثى بشكل متكامل . وهذا لا يمنع أن تبرز إحدى الكيانات عن الأخرى فى أوقات معينة ، فتبرز الأم حين يمرض أحد الأبناء وتبرز الزوجة حين يكون الزوج فى محنة وتبرز الأنثى فى مرحلة منتصف العمر حين يكبر الأولاد ويقل احتياجهم لها وحين ينشغل عنها الزوج فتعود حينئذ إلى نفسها لتدللها وتهتم بها وتتصرف بشكل يجذب اهتمام من حولها إليها .
الأمومة والماسوشية :
طبيعة المرأة البيولوجية والنفسية مهيأة لأن تتحمل الآلام من أجل أبنائها وزوجها ، وأن تعطى كثيراً ولا تاخذ إلا القليل وربما لا تأخذ شيئاً ، وأن تحنو على من حولها وربما يقابلون ذلك بالقسوة أو الجحود ، وأن تؤثر غيرها على نفسها ، وأن تضحى بنفسها من أجل سلامة من ترعاهم . فهى فى علاقاتها بزوجها وأولادها تميل إلى الخضوع والتسليم والإيثار وتكون سعيدة بذلك ولا تطلب أى مقابل وكأنها مدفوعة إلى ذلك بغريزة قوية هى غريزة الأمومة .
الخاتمة :
والله لن يستطيع أحد أن يوفي حق الوالدة مهما عمل، فهذا ابن عمر – رضي الله عنهما – شهد رجلا يطوف بالبيت وهو يحمل أمه وراء ظهره ويقول:
أنا لها بعيرها المذلل               إن أُذعرت ركابها لم أذعر
قال: يا ابن عمر أتراني جزيتها؟ قال: لا ولا بزفرة واحدة.
فانظر كيف أن هذا الفعل وهو حمل الأم والطواف بها بالبيت لا يجزي ولا زفرة واحدة وهي في حال الولادة، فماذا نقول لمن نسي أمه وتهاون في برها، كيف ينسى الابن أمه وينسى حقها
 لأمك حق لو علمت كثيــــر             كثيرك يا هذا لديه يســـير
فكم ليلة باتت بثقلك تشــــتكي  لها من جواها أنة وزفيـــر
وفي الوضع لو تدري عليها مشقة        فمن غصص منها الفؤاد يطيـر
وكم غسلت عنك الأذى بيمينهـا        وما حجرها إلا لديك ســرير
وتفديك مما تشتكيك بنفســـها   ومن ثديها شرب لديك نميــر
وكم مرة جاعت وأعطتك قوتهـا  حنانا وإشفاقا وأنت صغيــر
فآها لذي عقل ويتبـــع الهوى     وآها لأعمى القلب وهو بصيـر
فدونك فارغب في عميم دعائهـا فأنت لما تدعو إليه فقيــــر
أيها الأخوة ... ظهرت في السنين المتأخرة بدعة منكرة تجعل للأم عيدا وهو يوم واحد في السنة يحتفل الأولاد بأمهم ويهدون لها الهدايا ، وهذه بدعة محدثة ولا تجوز لأمور منها :
1-    أن هذا لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا من قوله ولا من فعله ولا من تقريره ، فلو كان خيرا لأمرنا به وحثنا عليه ، وقد قال عليه الصلاة والسلام كما جاء في الصحيحين : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد "  .
2-    أنه لم يثبت عن أحد من الصحابة رضي الله عنه أنهم احتفلوا بأمهاتهم يوما واحدا في السنة ولم ينقل ذلك عنهم لا قولا ولا فعلا .
3-    أن الاحتفال بيوم للأم هو تقليد للغرب الكافر الذي لا يعرف للأم وزنا ، ويعاني من التفكك الأسري ، ولا يلتقي الأولاد بأمهاتهم إلا في المناسبات ، بل كثير منهم لا يلتقي بأمه أبدا فأحدثوا هذا العيد لسد هذا النقص الأسري ، ولا يشك مسلم بأن تقليد الكفار في هذا الأمر أمر محرم ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فيما جاء في الصحيحين فقال : " لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر ، ذراعا بذراع  ، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه " قالوا : اليهود والنصارى ، قال : " فمن " .
4-    يظن البعض أن الاحتفال بأمه في هذا اليوم تكريم لها ، وهو في الحقيقة إهانة لها ، لأنه لم يذكرها بالهدية والاحتفال إلا في هذا اليوم ، ومن يحرص على ذلك تراه مهملا لأمه طوال السنة فلا يتذكرها إلا في هذا اليوم ، بل قد يتعمد إهمالها وعدم السؤال عنها ، لأنه يعلم أنه سيتذكرها ويهدي لها الهدية في هذا اليوم !


هل اعجبك الموضوع :
التنقل السريع