من هم أولو العزم وكم عددهم
يرى
العلماء أنّ عدد أولي العزم من الرسل والأنبياء هم خمسةٌ فقط، وهم أكثر الأنبياء
معاناةً مع أقوامهم وصبراً على أذاهم، وما تبوّؤا تلك الدّرجة وما استحقوا تلك
الصّفة إلا بسبب ما قدّموه وما بلذوه وما تحمّلوه من أقوامهم من الأذى والتعذيب
والصدِّ عن دين الله، ومنعهم من إيصال دعوتهم للناس، وتبليغها كما أمرهم الله
سبحانه وتعالى، وقد ذكرهم العلماء بالتّفصيل، وبيّنوا مراتبهم وهم: خاتم النّبيين سيّدنا
محمّد عليه الصّلاة والسّلام، وأنبياء الله نوح، وموسى، وإبراهيم، وعيسى عليهم أفضل
الصّلاة والتّسليم، وقد جاء ذكر هؤلاء الأنبياء تحديداً في قوله تعالى: (وَإِذْ
أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ
وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا)، أما ترتيبهم
من حيث الأفضلية فقد اختلف العلماء في ذلك على ما يلي: قيل إن أفضل أولي العزم من الأنبياء
والرسل هو محمد -صلى الله عليه وسلم- بإجماع الأمة، ثم إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-
ثم اختلف العلماء في ترتيب الأنبياء الثلاثة -عليهم السلام- من حيث الدرجة.
محمد عليه الصلاة والسلام
لسيدنا مُحمّد -عليه الصّلاة والسلّام- منزلة وشأن عظيم
عند الله سبحانه وتعالى، وهو أفضل الأنبياء والمرسلين وأعلاهم درجةً عند الله، أما
اسم النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو: مُحمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم
بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب بن مُرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن
النّضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن مُعدّ بن عدنان،
وينتهي نَسَبُ عدنان إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السّلام.
إبراهيم عليه السلام
هو إِبرَاهِيم بن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن أرغو بن فالغ
بن عابر بن شالخ بن قينان بن أرفخشد بن سام بن نوح، وقيل: هو إِبرَاهِيم بن آزر بن
النّاحور بن الشّارغ بن القَاسِم الذِي قسم الأَرض بَينَ أهلها، ابن يعبر بن
السّالح بن سنحاريب، واسم أمه نونا بنت كرنبا بن كوثا من بَنِي أرفخشد بن سام.
موسى عليه السلام
هو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب بن
إسحق بن إبراهيم عليهم السّلام جميعاً، فهو يرجع في نسبه إلى إبراهيم عليه
السّلام، واسم أمّه أيارخا، وقيل أياذخت، وقيل يوحاند، وقيل بادونا، أما اسم امرأته
فهو صفورا بنت شعيب عليه السّلام.
عيسى عليه السلام
وُلد عيسى ابن مريم -عليهما السلام- بلا أب، وكان مولده
معجزةً إلهيةً يعجز العقل البشري عن تصوّرها، وكان ذلك تكريماً من الله لمريم التي
أحصنت فرجها وأطاعت ربها، دعا عيسى -عليه السلام- بني إسرائيل إلى توحيد الله
وعبادته، ونبذ ما كان يعبد آباؤهم، والأخذ بأحكام التوراة والإنـجيل، وأخذ
يُحاورهم بالمنطق ليكشف لهم فساد عقيدتهم، فعاندوه وكذبوه وكفروا بما جاء به، ولم
يؤمن به إلا اثنا عشر رجلاً من الحواريين فقط، وقد أيَّد الله نبيه عيسى -عليه
السلام- بمعجزات عظيمة تُدلل على صدق نبوّته وحقيقة دعوته، من ذلك أن كان يخلق من
الطين على شكل طيرٍ ثم ينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله، وكان يبرئ الأكمه والأبرص
بإذن الله، ويحيي الموتى بإذن الله، ويخبر الناس بما يأكلون وما يدّخرون في
بيوتهم، فزاد عداء اليهود له، وازدادوا كفراً به، ورموه بالسحر والكهانة والجنون،
واتهموا أمه بالفاحشة.