القدوة الحسنة وأهميتها
القدوة الحسنة هي خُلُق من أخلاق الأنبياء
والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، ولأهميتها أورد الله عز وجل في القرآن الكريم صورًا
عديدة من الاقتداء فيما بين الأنبياء.
فقد أرشد "القرآن الكريم إلى أهمية
القدوة في حياة الأمة، فأرشد نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى الاقتداء بحال الأنبياء
السابقين"، فالله سبحانه وتعالى قد أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بمن
سبقه من الأنبياء والمرسلين؛ لأنهم صفوة خلق الله، جبلهم على مكارم الأخلاق، وكمال
الدين، ولهذا جاء الأمر بالاقتداء بهم واتباعهم، فقال الله تعالى بعد أن ذكر مجموعة
من الرسل: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 90]، وأرشد
الله عز وجل الأمة إلى التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع أقواله، وأفعاله،
وأحواله، وسلوكيات حياته صلى الله عليه وسلم؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ
الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ
وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 22].
فهذه الآية الكريمة دليل على وجوب التأسي
برسول الله صلى الله عليه وسلم في "أقواله وأفعاله وأحواله، ولهذا أمر تبارك وتعالى
الناس بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته، وانتظاره
الفرج من ربه عز وجل". وجميع "الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام من
أولهم إلى آخرهم، كانوا قدوة حسنة لأقوامهم، وهذا يدل على عِظَمِ وأهمية القدوة الحسنة"
فموضوع القدوة الحسنة من المواضيع المهمة
جدًّا في حياة الإنسانية، فهي ركيزةمن ركائز المجتمع، وهي عنصر مهم في كل مجتمع، وسبب
رئيس في التحول السريع نحو الأفضل، وتنشئة أفراد صالحين نافعين لأنفسهم ولغيرهم في
المجتمع، "فالقدوة الحسنة، والنشأة القويمة، والتربية السليمة للإنسان تجعل منه
عنصرًا صالِحًا طيبًا ينتفع منه الجميع"
والقدوة الحسنة من الوسائل المهمة في تبليغ
الدعوة، "فالتبليغ يكون عن طريق القدوة الحسنة، والسيرة الحميدة، والأخلاق الفاضلة،
والتمسك بأهداب الدين"
ومن أهمية القدوة الحسنة أيضًا جذبُ الناس
إلى الإسلام، وإطاعة أوامره، واجتناب نواهيه، فالقدوة الطيبة للداعي وأفعاله وصفاته
وأخلاقه الحسنة، تجعله أسوة حسنة لغيره، وقد أثرت القدوة الحسنة بالفعل، وكانت عاملًا
مهمًّا في انتشار الإسلام في الكثير من البلاد التي "لم يصلها الفتح الإسلامي؛
إذ دخل في هذا الدين الحنيف شعوب بكاملها لَمَّا رأوا القدوة الحسنة خلقًا حميدًا في
أشخاص مسلمين صالحين"
ومما قد فُطِر عليه الناس الحاجة إلى القدوة؛
"لتكون مثالًا حيًّا يُبين لهم كيف يطبِّقون شريعة الله، لذلك لم يكن لرسالات
الله من وسيلة لتحقيقها على الأرض إلا إرسال الرسل، يُبينون للناس ما أنزل الله من
شريعة بشكل عملي يشاهدونه"
فالحاجة إلى "الأسوة الحسنة من الضرورات
الفطرية للبشر، فالإنسان يحتاج إلى النموذج، وفق ما هو معروف بوسائل التربية بالنموذج،
وتكمن وراء هذه الحاجة ما جبل عليه الناس من حب الكمال"
ومن الوسائل المؤثرة في التربية: التربية
بالقدوة الحسنة، فالطفل ينشأ متأثرًا بما يسمعه من أقوال، وما يشاهده من سلوكيات، فإذا
رأى تناقضًا من الأبوين، أو ممن يراهم قدوة له، فإن ذلك يفتح أمامه باب الانحراف والاضطراب،
ويعطي الفرصة لوقوع أخطاء، وسلوكيات يصعب معالجتها، فالنشءُ والشباب في حاجة ضرورية
لرؤية نماذج تتحلى بالأخلاق الكريمة، يتعاملون معهم بالأخلاق الحسنة، فيرغبونهم في
الاستقامة.
ويعد أسلوب الاقتداء من أفضل الأساليب التربوية
التي تؤثر في سلوك الآخرين؛ "لأنها تطبيق عملي يثبت القدرة والاستطاعة الإنسانية
على التخلي عن الانحرافات، والتحلي بفضائل الأفعال والأقوال، فهي تنقل المعرفة من الحيز
النظري إلى الحيز التطبيقي المؤثر، فتلامس بها الأبصار والآذان والأفئدة، فيحصل الاقتناع
والإعجاب والتأسي"
ويمكن إجمال أهمية القدوة الحسنة في عدة أمور؛ منها:
1- القدوة الحسنة تحتل في المجتمعات الإنسانية
مرتبة من المجد لا يَحظى بها غيرُها، هذه المرتبة محفوفة بالتقدير والثناء والإعجاب
من الناس.
2- إن المثال الحي المرتقي في درجات الكمال،
يثير في نفس البصير العاقل قدرًا كبيرًا من الاستحسان والإعجاب والتقدير، والمحبة والتطلع
إلى الخير.
3- إن القدوة الحسنة المتحلية بالفضائل الممتازة
تعطي الآخرين قناعة بأن بلوغ هذه الفضائل من الأمور الممكنة التي هي في متناول القدرات
الإنسانية .
وجملة القول في أهمية القدوة الحسنة:
1- وجوب اتباع رسل الله عليهم الصلاة والسلام،
والاقتداء بأقوالهم وأفعالهم، وكريم شمائلهم، فهم صفوة خلق الله عز وجل.
2- أن الطفل لا بد له من قدوة حسنة في الأسرة
والمسجد والمدرسة، ووسائل الإعلام، والأصدقاء والشارع، وذلك من خلال التوجيه والإرشاد،
والنصح الدائم؛ لكي يتعلم الطفل منذ نعومة أظفاره المبادئ الإسلامية الرفيعة.
3- أهمية الحاجة إلى الأسوة الحسنة والقدوة
الصالحة، فهي محط آمال العقلاء، وغاية أمانيهم، وهي الأمل الكبير في إصلاح النشء والمجتمع.
4- القدوة السيئة تهدم القيم، والأخلاق في
نفوس الأطفال، وهي من العوامل السيئة الضارة، ولها تأثير خطير على الفرد والمجتمع.