القائمة الرئيسية

الصفحات

الخلايا الجذعية



https://abhaskom.blogspot.com/






مقدمة:
إذا كان الإنسان يعانى من أحد الأمراض المزمنة التي و بكل أسف لا علاج منها كالفشل الكلوي أو الكبدي ، مرض السكري أو تلف أحد صمامات القلب ، فلا مناص من بديل صحي و مضمون سوى عمليات زراعة الأعضاء و هنا تكمن المشكلة. فعمليات زراعة الأعضاء في حد ذاتها مشكلة معقدة بداية من إيجاد متبرع و تطابق أنسجته إلى احتمالية رفض الجسم للعضو المنقول إليه.
على الرغم من أن عمليات زراعة الأعضاء هي الحل الأمثل في نظر عامة الناس إلا أن اتخاذ قرار الزرع ليس هو النهاية السعيدة لرحلة عذاب المريض . إذا ما تقرر زرع عضو ما في جسم المريض لابد أولا أن يوضع على قائمة انتظار طويلة لا يعلم متى يحين دوره فيها فهناك غيره المئات بل الالاف الذين ينتظروا توفر نفس العضو هذا بخلاف الضوابط الأخلاقية و الدينية أتى تضعها بعض الدول حتى الآن على شرعية عمليات زراعة الأعضاء مما يزيد الأمور تعقيدا و من ثم موت المريض لا محالة في نهاية الامر. حتى و إذا توفر عضو جاهز للزرع فمازالت هناك العديد من القيود التي تفرضها زارعة عضو غريب في جسم المريض. بعد عملية الزرع يبدأ الجسم في إدراك وجود عضو غريب فيعطى أوامره للجهاز المناعي بأن يهاجم العضو الغريب و يقضى عليه. ما أن يتلقى الجهاز المناعي الأمر يطلق الأجسام المناعية التي تتعامل مع هذا العضو البرئ على أنه بكتريا ضارة أو فيروس قاتل فتقاتله بضراوة.
و من هنا يبدأ الأطباء في الخطة الدفاعية إلا و هي استخدام مثبطات للجهاز المناعي و التي بدورها توقفه عن العمل ليعود إلى ثباته العميق حتى إذا ما تعود الجسم على عضوه الجديد وما أن تعقد معاهدات السلام ما بين العضو الجديد و الجهاز المناعي يوقف الأطباء هذه المثبطات. هل تظن أن هذه هي النهاية؟ لا أنها مجرد بداية...قد يبدأ العضو بالعمل بهمة و نشاط كأنه جديد و لكن يبدأ هذا النشاط بالتدهور على المدى الطويل و تسقط معاهدات السلام ما بين العضو المزروع و الجهاز المناعي و تنتهي هذه الحرب الطاحنة بخسائر فادحة تودي في النهاية بحياة المريض. كان لابد من أيجاد حل لوقف معاناة المريض و إيجاد سبيل لحل المشكلة من جذورها، قد يكون الحل مازال قيد التطوير إلا انه يحمل في طياته الأمل في العلاج..."الخلايا الجذعية".
قد ينصب على رؤوسنا الآن وابل من الأسئلة :من أين تأتى هذه الخلايا الجذعية "السحرية" و ما الذي يميزها عن غيرها من الخلايا ؟و لما كل هذا الاهتمام العجيب بها؟ أقول مهلا سوف نجيب عن الأسئلة تباعا. أولا من أين تأتى الخلايا الجذعية؟ سوف أخبرك فتندهش أنك أنت نفسك كنت عبارة عن مجموعة من الخلايا الجذعية عند عمر 5 أيام داخل رحم أمك!!نعم في بداية حياتك كجنين تكون عبارة عن كتلة صغيرة من الخلايا الجذعية غير محدد المعالم فلا نستطيع أن نشير إلى أعضائك فنقول هذا قلبك و هذه عينك و هذا لسانك و هكذا...و لكن ما يتكون لك من أعضاء فيما بعد فالفضل فيه يرجع إلى الخلايا الجذعية فهي التي تتحور و تتحول إلى كل أنواع الخلايا و الأعضاء في جسدك. و بما أن هذه الخلايا العجيبة تنشأ في الجنين فإننا نطلق عليها اسم "الخلايا الجذعية الجنينية" .
يأتينا سؤال غاضب من بعيد: هل هذا ما تطلقون عليه خلايا جذعية؟ و ماذا في ذلك فقد خرجت من رحم أمي و ما عادت الخلايا الجذعية تنفعني بشئ؟ تمهل قليلا ....ما زالت الخلايا الجذعية جزء لا يتجزأ من خلاياك و هذا ليس لأنها أصل نشأتك في الأساس فحسب و لكن لأنه ما زال بعضها موجود بالفعل في جميع أنحاء جسمك!! و لكن في هذه الحالة نطلق عليها اسم "الخلايا الجذعية البالغة" و توجد هذه الخلايا في المخ و العظام و العضلات و الجلد و حتى في لبن الأم !! تكمن أهمية الخلايا الجذعية البالغة في قدرتها على تجديد الخلايا التالفة في العضو مكان منشأ الخلية أي أن الخلايا الجذعية المتواجدة في الكبد فقط تقوم على خدمة الكبد و تجديد خلاياه و كذلك الخلايا الجذعية بالبنكرياس أو الكلى و هكذا بالنسبة لكل عضو و نلاحظ دور الخلايا الجذعية جليا في حالة التعرض للجروح أو القطوع في الجلد فتنطلق الخلايا الجذعية لتقوم بترميم القطع و أصلاح التلف .
ملحوظة: نخاع العظم هو العضو المسئول عن إنتاج خلايا الدم الحمراء في الجسم، و المسئولة عن حمل غازي الأكسجين و ثاني أكسيد الكربون في الدم.
إذا تكلمنا عن مزايا الخلايا الجذعية فإننا نشير إلى ميزتين سحريتين هما "التكاثر" و "التمايز". الصفة السحرية الأولى هي أن الخلية الجذعية الواحدة قادرة على أن تتكاثر و تكرر نفسها مكونة نسخا منها مشابهة لها تماما و تتمتع بنفس خصائص الخلية الأصلية. و بعد قدرتها على التكاثر تأتى الميزة السحرية الثانية " التمايز". لكي نفهم معنى التمايز لابد أن نعلم أولا أن الخلايا الجذعية هي خلايا غير متخصصة بمعنى أنها لا تنتمي إلى أي نوع معروف من الخلايا فهي ليست خلايا جلدية أو خلايا عصبية في المخ هي فقط مثل المادة الخام ليست لها خصائص محددة أو دور معروف . فعندما نقول أن الخلايا الجذعية تتمايز فأننا نعنى بذلك أنها تتخصص لتصبح أحد أنواع الخلايا المعروفة فأنها تتحول إلى خلايا كبدية أو عظمية او دموية هكذا... و هنا تتجلى قدرة الله تعالى في خلقه حيث يبدأ جسمك بمجموعة من الخلايا الجذعية الغير متخصصة ثم تبدأ في التخصص إلى أعضاء الجسم المختلفة كل عضو له دوره و كل خلية لها وظيفتها.
تلعب عوامل مؤشرات الخلية دورا مهما في تنمية الجسد من بيضة واحدة وفي توجيه تكون أنواع خلايا الجسم العديدة بما فيها الخلايا الجذعية التي تصلح الأنسجة البالغة، وهي طينة الجسد الحية التي ينحت منها الجسم ويرمم. والخلايا الجذعية خلايا غير متخصصة وغير مكتملة الانقسام لا تشابه أي خلية متخصصة . ولكنها قادرة على تكوين خلية بالغة بعد أن تنقسم عدة انقسامات في ظروف مناسبة ، وأهمية هذه الخلايا تأتي من كونها تستطيع تكوين أي نوع من الخلايا المتخصصة بعد أن تنمو وتتطور إلى الخلايا المطلوبة.
وتوجد الخلايا الجذعية الجنينية على شكلين هما :
أولا : الخلايا الجذعية الجنينية :
يتم الحصول على الخلايا الجذعية الجنينية embryonic stem cells)) pluripotent stem cells من الجزء الداخلي للبلاستوسايت ( blastocyte ) ( والتي هي إحدى مراحل انقسامات البويضة المخصبة بالحيوان المنوي ، حيث تكون البويضة عندما تلقح بالحيوان المنوي خلية واحدة قادرة على تكوين إنسان كامل بمختلف أعضائه ، توصف بأنها خلية كاملة الفعالية ( totipotent ) تنقسم فيما بعد هذه الخلية عدة انقسامات لتعطي مرحلة تعرف بالبلاستوسايت ( blastocyte ) وتتكون البلاستولة من طبقة خارجية من الخلايا المسؤولة عن تكوين المشيمة والأنسجة الداعمة الأخرى التي يحتاج إليها الجنين أثناء عملية التكوين في الرحم ، بينما الخلايا الداخلية يخلق الله منها أنسجة جسم الكائن الحي المختلفة ) . ولهذا لا تستطيع تكوين جنين كامل لأنها غير قادرة على تكوين المشيمة والأنسجة الداعمة الأخرى التي يحتاج إليها الجنين خلال عملية التكوين ، على الرغم من قدرة هذه الخلايا على تكوين أي نوع آخر من الخلايا الموجودة داخل الجسم . تخضع بعد ذلك الخلايا الجذعية للمزيد من التخصص لتكوين خلايا جذعية مسؤولة عن تكوين خلايا ذات وظائف محددة .
ثانيا : الخلايا الجذعية البالغة
Multipotent stem cells ( Adult stemcells )
هي خلايا جذعية توجد في الأنسجة التي سبق وان اختصت كالعظام والدم الخ
وتوجد في الأطفال والبالغين على حد سواء . وهذه الخلايا مهمة لإمداد الأنسجة بالخلايا التي تموت كنتيجة طبيعية لانتهاء عمرها المحدد في النسيج . لم يتم لحد الآن اكتشاف جميع الخلايا الجذعية البالغة في جميع أنواع الأنسجة . ولكن هناك بعض المشاكل التي تواجه العلماء في الاستفادة من الخلايا الجذعية البالغة ، ومن هذه المشاكل وجودها بكميات قليلة مما يجعل من الصعب عزلها وتقنيتها ، كما أن عددها قد يقل مع تقدم العمر بالإنسان . كما أن هذه الخلايا ليس لها نفس القدرة على التكاثر الموجودة في الخلايا الجنينية ، كما قد تحتوي على بعض العيوب نتيجة تعرضها لبعض المؤثرات كالسموم .
هناك بعض الفروق المهمة بين الخلايا الجذعية الجنينية والبالغة وهو أن الخلايا الجذعية الجنينية تنتج إنزيم telomerase والذي يساعدها على الانقسام باستمرار وبشكل نهائي ، بينما الخلايا الجذعية البالغة لا تنتج هذا الإنزيم إلا بكميات قليلة أو على فترات متباعدة مما يجعلها محدودة العمر . كما أن الخلايا الجذعية الجنينية قادرة على التحول إلى جميع أنواع الأنسجة الموجودة في جسم الإنسان ، بينما الخلايا الجذعية البالغة لا تتمتع بهذا القدرة الكبيرة على التحول . وهذا يجعل الخلايا الجذعية الجنينية أفضل من الخلايا الجذعية البالغة.
تطبيقات واستخدامات الخلايا الجذعية :
1- استخدام الخلايا الجذعية فيما يعرف بالعلاج الخلوي ( cell therapy ) ، حيث أن هناك العديد من الأمراض والاعتلالات التي يكون سببها الرئيسي هو تعطل الوظائف الخلوية وتحطم أنسجة الجسم . مما يوفر علاجا لعدد كبير من الأمراض المستعصية ، مثل الزهايمر ومرض باركنسون وإصابات الحبل الشوكي وأمراض القلب والسكري والتهاب المفاصل والحروق .
2- المساعدة في معرفة وتحديد الأسباب الأساسية ومواقع الخطأ التي تتسبب عادة في أمراض مميتة مثل السرطان والعيوب الخلقية التي تحدث نتيجة لانقسام الخلايا وتخصصها غير الطبيعيين .
3- في المجال الصيدلاني : سوف تساعد أبحاث الخلايا الجذعية البشرية في تكوين وتطوير العقاقير الطبية واختبار آثارها ومدى تأثيرها .
4- فهم الأحداث المعقدة التي تتخلل عملية تكون الإنسان .
5- التغلب على الرفض المناعي .
الفائدة الاقتصادية
عندما ينضج هذا الميدان العلمي، ستكون الفوائد الاقتصادية هائلة، إذ أن أمراض العته الدماغي والسكتة الدماغية وأمراض القلب والسرطان والأمراض المزمنة الأخرى يمكن علاجها بالخلايا بدلا من العقاقير. وان صح ذلك، فان التوفير في تكاليف العلاج، وتقليل إضاعة العاملين لأوقاتهم بسبب الإجازات المرضية، سيكون هائلا حقا.
آخر التطورات في الخلايا الجذعية :
1. خلايا جذعية للمرة الأولى لمعالجة مريض بالقلب
أعلن باحثون استراليون استخدام خلايا جذعية المنشأ للمرة الأولى لمعالجة شخص مريض القلب . وكان المريض قد أجرى ثلاث عمليات جراحية في القلب حين قرر الأطباء علاجه بواسطة زراعة الخلايا الجذعية . وأوضح طبيب القلب المسؤول أن هذه أول تجربة من العلاج في هذا المجال وان نجحت فستمكن من مساعدة حوالي ثلث المصابين بأمراض القلب في مراحلها الأخيرة. وحذر من أن هذه العملية لا تجرى إلا للمرضى الميئوس من شفائهم. وشرح الطبيب انه تم استخراج الخلايا الجذعية من النخاع العظمي لورك المريض وحقنها في عضلة القلب. وان نجحت التجربة ، فستبدأ الخلايا بإفراز مواد تشجع نمو شرايين القلب. وهذه التجربة يمكن تطبيقها على المرضى الذين لم يعد من الممكن معالجة شرايين قلبهم بالوسائل التقليدية مثل توسيع الشرايين والتمييل.
استخدام الخلايا الجذعية في تجارب علاج الأمراض القلبية
بينت سلسلة من التجارب المخبرية على الحيوانات انه يمكن إصلاح الخلل الذي يحدث بعد احتشاء العضلة القلبية بواسطة زراعة خلايا جذعية أو أصلية جديدة، فقد استطاع الأطباء تحويل الخلايا الجذعية إلى خلايا قلبية في الفئران. ويتوقع الأطباء أن يصبح هذا الأسلوب العلاجي ممكنا لدى الإنسان بعد ثلاث سنوات تقريبا من الآن. وفي تجارب أجراها العلماء استطاعوا من خلالها عزل خلايا أصلية من نخاع عظام فأر ذكر، ثم حقنوا هذه الخلايا في قلب ثلاثين فأرا تعاني من الفشل القلبي. ووجد الأطباء خلال متابعة تلك الفئران أن الخلايا الأصلية تحولت إلى خلايا قلبية في %64 في المائة من الفئران. وتم مراقبة تطور تلك الخلايا من خلال ربط الخلايا الأصلية المستخدمة في التجربة بمادة واضحة مشعة. ووجد أيضا بأن حقن الخلايا الأصلية المأخوذة من نخاع العظام في ذيول الفئران يؤدي إلى النتائج نفسها، حيث لوحظ بأن الخلايا الأصلية لديها القدرة على أن تهاجر من الذيل إلى القلب لتستقر فيه، إذ تبدأ بالتحول إلى خلايا قلبية هناك.
القفزة التالية في أبحاث الخلايا الجذعية الخاصة بالقلب أن فريق من الباحثين بمعامل جامعة منيسوتا قام ببناء قلب نابض كامل لأحد فئران التجارب. تم بناء هذا القلب بطريقة مشابهة لبناء القصبة الهوائية لكلوديا كستلو . أخذ قلب من فأر و غسل تمام من كل خلاياه و تبقى فقط هيكل جيلاتينى حقن به خلايا جذعية لفأر أخر و في خلال أسبوع كان لديهم قلب كامل نابض بالحياة.و تظل الأضواء مسلطة على أبحاث الفئران حيث تمكن علماء أمريكيون من علاج فئران مشلولة جزئيا و عودتها للسير مجددا باستخدام خلايا جذعية جنينية . يهدف العلماء إلى استخدام الخلايا الجذعية في علاج أمراض أخرى مثل مرض السكري بإعادة إنماء خلايا البنكرياس القادرة على إفراز مادة الأنسولين من جديد لدى مرضى السكري.
يواجه العلماء في أبحاث الخلايا الجذعية بعض المشكلات مع الخلايا البالغة لأنها ذات قدرات محدودة على التجدد والتحول إلى خلايا متخصصة. لذا يميل العلماء إلى استخدام الخلايا الجنينية في أبحاثهم لأنها ذات قدرات هائلة على التحول و التخصص إلى 220 نوع مختلف من الخلايا بسهولة .ولكن تكمن المشكلة في الناحية الأخلاقية و الاجتماعية حيث انه معنى أخذ خلايا جنينية هو قتل جنين عمره لا يتعدى 5 أيام. لذا فالمبدأ مرفوض أخلاقيا و مع ذلك يصر العلماء على أبحاث الخلايا الجذعية الجنينية و لكنهم يحاولون التملص من جريمتهم الأخلاقية هذه عن طريق عمليات استنساخ خلايا جنينية في المعمل باستخدام الحمض النووي لنفس جسم المريض المراد زرع الخلايا فيه و بذلك نحد من عمليات القتل الجائر للأجنة و يطلق على عمليات الاستنساخ هذه اسم" الاستنساخ العلاجي" .
في أكتوبر 2010 تم إعطاء الإشارة الخضراء لإجراء أول عملية مصرح بها لاستخدام الخلايا الجذعية الجنينية، من أجل علاج مريض من إصابة في الحبل الشوكي أدت به إلى الشلل. بالطبع واجهت هذه العملية الكثير من الاعتراضات من جهات عديدة أولها الجماعات المعارضة للإجهاض لأن هذه العملية تقوم على تدمير جنين، كما تعرضت العملية لتأجيلات عديدة إلى أن تمت الموافقة لإجرائها في أكتوبر الماضي. قام الأطباء بحقن ملايين الخلايا في الحبل الشوكي للمريض آملين أن تقوم الخلايا بوظيفتها فتعمل على ترميم الخلايا العصبية و تعيد بناء غطائها الخارجي و من المتوقع أن يستعيد المريض قدرته الحركية في وقت قريب إذ أن فئران التجارب التي تعانى من الشلل ، قد أجريت لهم نفس العملية و تماثلوا الشفاء في مدة شهر تقريبا.
وعلى الرغم من زيادة طلب الباحثين على الخلايا الجنينية، إلا أن آخرين قبلوا التحدي و بدؤوا في تطويع المتاح من الخلايا لكي تؤدى الغرض دون الحاجة للجوء إلى الخلايا الجنينية المحظورة أو الخلايا البالغة المحدودة القدرات. ومن أحدث الأبحاث في هذا المجال، هو بحث أوجد تقنية لتحويل خلايا جلد إلى خلايا معوية. بعد أخذ شريحة رفيعة من الجلد تعمل هذه التقنية الجديدة على تحويل الخلايا الجلدية إلى خلايا "محَفزة" تحمل نفس صفات الخلايا الجنينية من ناحية "التكاثر" و التمايز" تماما، و من هنا تستطيع هذه الخلايا التحول إلى أي نوع كان ، و بسهولة تتحول إلى خلايا أمعاء دقيقة تستخدم لاستبدال الخلايا المعطوبة لدى المرضى الذين يعانوا من التهابات في الأمعاء. تكمن الطفرة الحقيقية في تقنية أخرى توصل إليها علماء كنديين، تقوم بتحويل الخلايا الجلدية إلى خلايا دم مباشرة دون المرور بمرحلة الخلايا "المحفزة" تلك!! و هي طريقة أسهل و أفضل و يمكنها أن تحل مشكلة نقص أكياس الدم و علاج أمراض مثل الأنيميا و ووقف الحاجة إلى عمليات زرع نخاع العظام
2. إنتاج خلايا الدم من الخلايا الجذعية الجنينية
نجح باحثون لأول مرة بإنتاج خلايا الدم انطلاقا من الخلايا الجذعية للأجنة البشرية مما يفتح الباب أمام إقامة بنوك للدم . كما تم أجبار الخلايا الجنينية على إنتاج مستعمرات من الكريات الحمراء، والكريات البيضاء والصفائح المتشابهة التي تتشكل طبيعيا من النخاع العظمي. وقد شملت الدراسات الحديثة خلايا جذعية بالغة مأخوذة من نقي العظام. وتعتبر الخلايا الجذعية اللبنة الأساسية لبناء مختلف أنسجة الجسم. وفي السنوات الأخيرة بينت الأبحاث أن الخلايا الجذعية تملك مقدرة ملحوظة على التكيف وإصلاح الأذيات الناجمة عن الأمراض. ويقول أحد الخبراء أن هذه الدراسة أظهرت المرونة الكبيرة التي يتمتع بها الجسم البشري في الاستجابة للأمراض و الأذيات.
3. حفظ دم الحبل السري للوليد بغية معالجته به ضد السرطان عند البلوغ
تأسست في ألمانيا أول شركة لحفظ دماء الحبل السري بغية استخدامه لاحقا في علاج الإنسان عند البلوغ ضد الأمراض المستعصية. وتشير الشركة إلى أنها تقوم بحفظ دم الحبل السري للجنين بموافقة والديه كي يستخدم في علاجه شخصيا في وقت لاحق . وحسب المعلومات يتلقى الوالدان تجهيزات لسحب الدم وحفظه بعد أن يوقعا على اتفاق لحفظ دم الحبل السري لوليدهما مقابل 2900 مارك ولفترة 20 عاما. ويساعد الأطباء الوالدين، قبل قطع الحبل السري وحدوث الولادة بثوان، على سحب الدم من أوردة الحبل السري بحجم 80 ملليترا، حيث يجري في الحال نقله بواسطة حافظات خاصة ليجري تجميده خلال 24 ساعة من لحظة سحبه. ويتم تجميد هذا الدم الحاوي على الخلايا الجذعية وفق شروط دقيقة بدرجة 196 مئوية تحت الصفر (في النتروجين السائل). وقد أوصى الصليب الأخضر الألماني (منظمة بيئية) ، كافة العوائل باتخاذ هذا الإجراء الاحترازي المهم، وقالت الدراسة انه لا ينطوي على أي مجازفة بالوليد أو بحياة الأم . ويضيف التقرير أن الدم الذي يسري في الحبل السري للجنين يحتوي على خلايا جذعية تشبه تلك التي توجد لاحقا في نخاع العظام . وهي خلايا تعين الإنسان على إنتاج خلايا العظام والغضاريف والعضلات إضافة إلى خلايا الكبد والخلايا التي تشكل بطانة الأوعية الدموية. والمهم في الأمر أن لحفظ دم الحبل السري فوائد مستقبلية كبيرة رغم أن العلماء لا يزالون في بداية أبحاثهم حول الموضوع ، لكن هناك شيئا مؤكدا واحدا، هو أن الخلايا الجذعية المستمدة من دماء الحبل السري يمكن استخدامها بنجاح حيثما تطلب الأمر تدخل الأطباء لمعالجة صاحب الدم من الأمراض المستعصية مثل مختلف أنواع سرطان الدم، وسرطان الصدر، وسرطان الرئتين، وسرطان الرحم وأمراض المناعة الذاتية كالروماتيزم.
كذلك فأن الخلايا الجذعية المستمدة من الحبل السري قادرة أيضا على إنتاج خلايا عضلات القلب ويمكن أن تشكل بديلا ناجحا في المستقبل لعمليات زراعة القلب. وقد ثبت أن هذه الخلايا تختلف عن الخلايا المأخوذة من المشايم أو من الأجنة المجهضة، كما ثبت أنها تتمتع بقابلية على مقاومة ظروف التجميد لسنين طويلة. ويمكن معالجة الإنسان المصاب بالسرطان عن طريق زرق هذه الخلايا إليه قبل أن يلجأ الطب إلى معالجته بواسطة الكيميائيات والأشعة النووية. كما أن توفر الخلايا الجذعية يوفر على المريض تدخل الأطباء جراحيا لاستخراج هذه الخلايا من نخاع العظام.
4. خلايا جذعية مزروعة تمكن حيوانات مشلولة من السير
في تجربة جديدة مكنت الخلايا الجذعية المزروعة حيوانات المختبرات المشلولة من السير مجددا، مما يعني أنها المرة الأولى التي توفر هذه التقنية مثل هذا العلاج
5. الخلايا الجذعية إلى خلايا عصبية لمعالجة أمراض الدماغ
أشار أحدث بحثين علميين نشرا في العدد الأخير من مجلة «ساينس» العلمية إلى إمكانيات تطور الخلايا الجذعية ، وهي الخلايا الأصيلة غير المتخصصة، المستخلصة من نخاع العظم، إلى خلايا عصبية بعد زرعها داخل أدمغة الحيوانات. وقد أثبتت الأبحاث، حتى الآن، إمكانية حدوث تحول في الخلايا الجذعية إلى خلايا قريبة من الخلايا العصبية، لدى زراعتها في الظروف المخبرية . وقد ظلت هذه الخلايا الأصيلة تحير العلماء لسنوات، خصوصا في إمكانات توظيفها لعلاج أمراض الدماغ. وقد اقترح بعضهم زرعها داخل المخ والسماح لها بالتجول عبره للتحول إلى خلايا متخصصة. ونجح فريقان علميان منفصلان الآن في إثبات أن الخلايا الجذعية المستخلصة من نخاع العظام التي زرعت في الفئران، انتقلت نحو أدمغتها وتحولت على ما بدا للعلماء على أنها خلايا عصبية. وتطرح هذه الأبحاث آفاقا واسعة لاحتمال توظيف الخلايا الجذعية كمصدر جاهز للخلايا العصبية، في علاج أمراض عصبية مثل مرض باركنسون والأمراض الناجمة عن إصابة الدماغ. وتوصل البحثان اللذان نفذا بطريقتين مختلفتين، وبشكل منفصل، إلى نفس النتيجة. فقد زرع الفريق الأول خلايا جذعية من نخاع العظام من فأر ذكر داخل أنثى فأر ولدت لتوها لا تمتلك أي خلايا دم بيضاء خاصة بها.
وقد تمكن الباحثون من التعرف على نخاع العظام الذكري داخل أنثى الفأر بواسطة الكروموسوم «واي» الذكري الذي أصبح دليلا ومرشدا لهم في بحثهم لتمييز الخلايا المزروعة عن خلايا أنثى الفأر. وزرعت الخلايا الجذعية داخل سبع من إناث الفئران الوليدة، مما سمح بمقارنة خلايا أدمغتها مع خلايا أدمغة مجموعة ثانية من شقيقاتها من إناث الفأر الوليدات اللواتي لم تزرع لديهن هذه الخلايا. وتأكد العلماء من ظهور علامات فارقة بين خلايا الدماغ للمجموعتين بعد أربعة اشهر من زرع الخلايا الجذعية. وظهرت الخلايا الأصيلة المزروعة وكأنها تحولت إلى خلايا عصبية رصدت في مختلف مناطق الدماغ . وقد قام الفريق الثاني بزرع خلايا جذعية مأخوذة من نخاع العظام لفأر بالغ توجد فيها علامة تسمى «البروتين الفلورسنتي الأخضر»، داخل جسم فأر بالغ آخر قضي على كل نخاعه العظمي بواسطة الإشعاع. واظهر البحث أن الخلايا المزروعة انتقلت إلى عدة مواقع داخل الدماغ، وأنها قد استجابت لبيئة منطقتها وقامت بتنفيذ أعمال الخلايا العصبية .
6. الخلايا الجذعية الجنينية لعلاج داء باركنسون
أكد العلماء أنهم الآن اقرب من أي وقت مضى لإيجاد علاج شاف لداء باركنسون باستخدام خلايا رئيسية مستخلصة من الأجنة. حيث اثبتت التجارب التي أجريت على الفئران المخبرية باستخدام الخلايا الجذعية الجنينية التي تستطيع أن تتخصص إلى أي نوع من أنسجة الجسم والتي يمكن أن يتم استنباتها بأعداد كبيرة.
7. الخلايا النخاعية لعلاج سرطان الكلى
بدأ علاج تجريبي للسرطان يحصل خلاله المريض على خلايا نخاع عظمي من أخ أو أخت بالإضافة إلى عقاقير تثبط الجهاز المناعي يظهر نتائج واعدة فيما يتعلق بعلاج سرطان الكلى الذي لا شفاء منه حتى الآن . حيث أن بعض خلايا الدم التي تعرف بالخلايا الجذعية الدموية غالبا ما تشن هجوما على الجسم بشكل عام وعلى الخلايا السرطانية بشكل خاص عند نقلها إلى المصابين بأورام سرطانية. ولكن من خلال إضعاف جهاز المناعة بصورة مؤقتة وحقن الخلايا الجذعية من احد أشقاء المريض فانه يمكن تدريب بعض الخلايا الجذعية الجديدة على مهاجمة الورم . وقد أجريت التجربة على 19 مريضا ولكن تسعة من 19 مريضا لم يستجيبوا على الإطلاق للعلاج في حين قتلت آثاره الجانبية اثنين . وقد حذر الباحثون من انه مازال في مراحله التجريبية. ولكن عشرة من 19 مريضا استجابوا للعلاج. وفي ثلاث من الحالات اختفت الأورام وكانت النتيجة مذهلة إذ بينت التحاليل اللاحقة بعد انكماش حجم الأورام كان مذهلا ، كما أن اثنين فقط من الذين تحسنت حالاتهم انتكسوا مرة أخرى
8. الخلايا الجذعية لعلاج مرضى الكبد
ومن ناحية أخرى توصل العلماء إلى اكتشاف جديد يفتح أبواب الأمل لمرضى الكبد وذلك باستخدام خلايا الدم الجذعية الأولية الموجودة بالنخاع العظمى حيث اثبت العلماء تحول تلك الخلايا بعد زراعتها في شخص ما إلى خلايا كبدية ، وقد لاحظوا أيضا وجود خلايا كبدية ذكرية في كبد امرأة تم زرع نخاع عظمى من رجل فيها ، وهذا الاكتشاف يمكن استخدامه لعلاج كثير من الحالات التي تعانى من فشل كبدي سواء نتيجة للأعراض الجانبية للأدوية أو نتيجة للأورام السرطانية ، وبزرع الخلايا الجذعية من النخاع العظمى للمرض نفسه يمكن تلافى مشكلة رفض الجسم للأنسجة الغريبة.
9. الخلايا الجذعية لمعالجة مرضى السكر
قال باحثون أنهم نقلوا خلايا جذعية من جنين فأر إلى خلايا تنتج الأنسولين في خطوة
قد تؤدي إلى أسلوب يحدث ثورة جديدة في علاج مرض البول السكري. وقال الباحثون أنهم استحثوا الخلايا الجذعية الجنينية في الفئران لتوليد أربعة أنواع من الخلايا تحولت إلى كتل نسيجية متخصصة. وقال الباحثون أن كل هذه الأنواع تفرز الأنسولين و هرمونات بنكرياسية وتتجمع فوق بعضها لتكوين كتل تشبه كتل الخلايا النسيجية المنتجة للأنسولين في البنكرياس والتي تسمى جزر لانجرهانز المفرزة للانسولين.
10. الهندسة الوراثية والخلايا الجذعية لعلاج الروماتيزم والتهاب المفاصل
ابتدع فريق من العلماء الألمان طريقة جديدة لمعالجة مرض الروماتيزم الذي يعتبر أكثر أمراض المناعة الذاتية شيوعا في العالم. وتعتمد التقنية التي استخدمها الباحثون على طريقة مستحدثة لحفظ المكونات الهامة من نظام المناعة في جسم الإنسان، وتحطيم بقية هذا النظام بواسطة الأدوية الكيمائية، ثم استخدام خلايا المنشأ «الخلايا الجذعية» لإعادة بناء هذا النظام على أسس سليمة. وذكر البروفسور المسؤول ، أن هدف العلاج هو تحطيم جهاز المناعة القديم، المولد للأجسام المضادة التي تهاجم جسم الإنسان، وإعادة بنائه لاحقا بواسطة زرع ما يسمى بخلايا المنشأ الذاتية Autologous Stem Cells . وأكد على أن العديد من الدراسات السابقة أثبتت إمكانية استبدال خلايا النظام الدفاعي المضطربة، في حالة الروماتيزم، بخلايا المنشأ المستمدة من ذات الإنسان، وان ذلك يفلح في تجديد نظام مناعة المريض. ومورست الطريقة مع 9 مرضى يعانون من آلام حادة ناجمة عن الروماتيزم فلم تتسبب بموت أي مريض أو تعريض حياة المرضى للخطر. غير أن العلاج لم يفلح مع 5 مرضى، ونجح في تخليص 3 مرضى من الالام الروماتيزمية طوال 38 شهرا، ونجح في شفاء مريض آخر من المرض طوال 9 أشهر.
خاتمة :
إذا نظرنا إلى الأبحاث الواعدة في مجال الخلايا الجذعية نجد الكثير منها يوحى بالأمل ليست كبديل للأعضاء الحيوية فحسب بل أيضا في التجارب المعملية للعقاقير الطبية بتجربتها على الخلايا الجذعية بدلا من تجارب الفئران أو الإنسان. كما أنها تعطى نظرة شاملة عن الكيفية التي تعمل بها خلايا أجسامنا في الصحة وفي المرض أيضا كما في حالات الأمراض الوراثية أو التشوهات الجينية التي من الممكن أن تؤثر على الخلايا فتحولها من خلايا سليمة صحيحة إلى خلايا سرطانية خبيثة، كل هذا و أكثر تمكننا الخلايا الجذعية من دراسته و استكشافه. و قد تتمكن الخلايا الجذعية يوم ما من علاج أمراض تستعصي علينا اليوم مثل مرض الزهايمر و السرطان و مرض باركنسون.
والامر المحير في أمر الخلايا الجذعية أن دورها عظيم و إذا كانت تقوم بهذا الدور كاملا داخل جسم الإنسان لم أحتاج على علاج أو زراعة أعضاء من الأساس فلما لا تقوم بدورها التقويمي هذا داخل جسم الإنسان على أكمل وجه؟ فإذا ما تعرض عضو ما إلى الخطر فتنطلق لتعالجه و ترمم خلاياه؟ فهذا ما يحير العلماء و يبحثون من أجل إيجاد حل و هذا الحل يتمثل في "حقنة سحرية" تعطيها للمريض فتأمر الخلايا الجذعية لكي تنطلق إلى العضو المعنى، فتقوم بإصلاح التالف و تعيد العضو كالجديد مرة أخرى. أصبح هذا الحلم قابل للتحقق فعلا عندما توصل باحثون بريطانيون إلى دواء يحقن للمريض لكي يحفز الجسم على إنتاج الخلايا الجذعية لكي تقوم بترميم العظم المكسور و الأربطة المتمزقة أو الخلايا القلبية التالفة.و للخالق حكمته ففي داخل جسمك ينشأ المرض و من داخل جسمك أيضا ينشأ العلاج من "خلاياك الجذعية".

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع