القائمة الرئيسية

الصفحات

الوسطية وآثرها على المجتمع


الوسطية وآثرها على المجتمع


مفهوم الوسطية:

 الوسطية في اللغة: قال في المعجم الوسيط الصحيح:
(وسط) الشيء - (يسطه) وسطا، وسِطة: صار في وسطه ويقال: وسط القوم، ووسط المكان. فهو واسط. و - القوم، وفيهم وساطة: توسط بينهم بالحق والعدل.
(وسُط) الرجل - (يوسُط) وساطة، وسِطة: صار شريفا وحسيبا. فهو وسيط.
(أوسط) القومَ: صار في وسطهم.
(توسط) فلان: أخذ الوسط بين الجيد والرديء. و - بينهم: وسط فيهم بالحق والعدل. و- الشيءَ: صار في وسطه. يقال: توسط القومَ.
(الأوسط): المعتدل من كل شيء، وأوسط الشيء: ما بين طرفيه. وهو من أوسط قومه: من خيارهم.
(الوسَط) وسط الشيء: ما بين طرفيه، وهو منه. والمعتدل من كل شيء. يقال: شيء وسط: بين الجيد والرديء. وما يكتنفه أطرافه ولو من غير تساو. والعدل. والخير: (يوصف به المفرد وغيره). وفي التنزيل العزيز: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا }: عدولا أو خيارا. وهو من وسط قومه: من خيارهم.
والصلاة الوسطى: العصر، لتوسطها بين صلاتي النهار وصلاتي الليل، وقيل الصلاة الوسطى: الفضلى، وفسرها بعضهم بالجمعة. وُسَط.
(الوَسوط): المتوسط. وبيت من بيوت الشَّعْر أكبر من المظلة وأصغر من الخباء أو هو أصغرها . وسط.
الوُسوط: وُسوط الشمس، توسطها السماء.
(الوسيط): المتوسط بين المتخاصمين، و- المتوسط بين المتبايعين أو المتعاملين. و-المعتدل بين شيئين. وهي وسيطة. وسطاء، ويقال هو وسيط فيهم: أوسطهم نسبا وأرفعهم مجدا.
فالوسطية تأتي بمعنى: التوسط بين شيئين، وبمعنى العدل، والخيار، والأجود، والأفضل، وما بين الجيد والرديء، والمعتدل، وبمعنى الحسب والشرف.
ونجد أهل السنة والسلف الصالح - بحمد الله - تحققت فيهم هذه المعاني الفاضلة، كما سيأتي بيانه.
الوسطية في الشرع والاصطلاح: وردت الوسطية في القرآن الكريم في أكثر من آية وفي السنة في أكثر من حديث على المعاني التالية:
(1) بمعنى العدل والخيرية والتوسط بين الإفراط والتفريط، ومن ذلك قوله تعالى  {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}  أي، عدلا [سورة البقرة - آية 143
(2) وفسرها ابن جرير الطبري ..  بمعنى التوسط بين الإفراط والتفريط.
(3) وكذلك ابن كثير .. فسرها: بالخيار الأجود.
(4) وتأتي الوسطية في السنة كذلك بمعنى الأوسط والأعلى كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم الفردوس بأنها { أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ }  .
(5) ويأتي معنى الوسطية على اعتبار الشيء بين الجيد والرديء، كما قال ابن عباس - في رواية عنه - { كَانَ الرَّجُلُ يَقُوتُ أَهْلَهُ قُوتًا دُونًا، وَبَعْضُهُمْ قُوتًا فِيهِ سَعَةٌ، فَقَالَ اللَّهُ: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُم }  [المائدة: 89]. الْخُبْزِ وَالزَّيْتِ.
(6) وفسر بعضهم: (أوسط) في الآية بأنه: الأعدل والأمثل، فتكون الآية على هذا التفسير مندرجة تحت المعنى الأول الذي هو (العدالة والخيار والأجود).
(7) كما تأتي الوسطية بمعنى: ما بين طرفي الشيء وحافتيه.
ومن ذلك قوله تعالى: { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى } [البقرة: 238]، والصلاة الوسطى صلاة
العصر، وسميت الوسطى؛ لأن قبلها صلاتين، على اختلاف في تحديد أي الصلوات هي .
ومن ذلك ما جاء في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضى الله عنه  عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  { أَنَّهُ خَطَّ خَطًّا مُرَبَّعًا، وَخَطًّا وَسَطَ الْخَطِّ الْمُرَبَّعِ، وَخُطُوطًا إِلَى جَانِبِ الْخَطِّ الَّذِي وَسَطَ الْخَطِّ الْمُرَبَّعِ، وَخَطًّا خَارِجًا مِنَ الْخَطِّ الْمُرَبَّعِ، وَقَالَ:أَتَدْرُونَمَا هَذَا؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: هَذَا الْإِنْسَانُ الْخَطُّ الْأَوْسَطُ، وَهَذِهِ الْخُطُوطُ إِلَى جَانِبِهِ الْأَعْرَاضُ تَنْهَشُهُ} ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم { وَسِّطُوا الْإِمَامَ وَسُدُّوا الْخَلَلَ } .
عرف الشيخ القرضاوي الوسطية بأنها التوسط أو التعادل بين طرفين متقابلين أو متضادين، بحيث لا ينفرد أحدهما بالتأثير ويطرد الطرف المقابل، ولا يأخذ أحد الطرفين أكثر من حقه ويطغى على مقابله ويحيف عليه.

(الوسطية والاعتدال وأثرهما على حياة المسلمين)

الوسطية والاعتدال لها سمات وهذه السمات موجودة في النصوص، وموجودة في سلوك الصحابة، وفي سلوك أئمة الاسلام، اما سماتها فالوسطية والاعتدال هي سمة الشريعة بنص القرآن فهذه شريعة متسمة بأنها شريعة السماحة ورفع الحرج، قال الله - جل وعلا - : (وما جعل عليكم في الدين من حرج) ، وقال ايضا : (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) ، من سماتها انها شريعة العدل في الاحكام والتصرفات، ولذلك كانت وسطا فالعدل في الاحكام والتصرفات يوجب الوسطية لان غير ذي الوسط لابد ان يكون في سلوكه اما الى تفريط واما الى افراط.

المنهج الوسطي

من سمات المنهج الوسطي الذي هو منهج الشريعة ان هذا المنهج موافق للشرع ثم هو موافق للعقل السليم فالشرع الصحيح بنصوصه وقواعده واجتهادات العلماء فيه يدعو الى الوسطية والاعتدال وينهي عن الغلو والمبالغة، وكذلك مقتضيات العقل السليم فان حياة الناس لا تستقيم الا بهذه الوسطية فان الانحراف عن الجادة بغلو او جفاء لا يكون معه العيش مستمرا على وقت مصالح الناس فمصالح الناس تقتضي عقلا ان يكون هناك منهج متوسط يجتمعون عليه ويدافعون عنه.
من سماتها ايضا ان الوسطية والاعتدال يبرآن من الهوى ويعتمدان على العلم الراسخ والعلم، اما ان يكون نصا من كتاب او سنة، او ان يكون قولا لصحابي فيما لم يرد فيه النص او يكون من اجتهادات اهل العلم الراسخين في ذلك فاعتماد الوسطية على العلم الراسخ الصحيح مظهر من مظاهرها وسمة من سماتها.
من سمات الوسطية ان الوسطية تراعي القدرات والامكانات فليس صاحب الوسطية معجزا للناس في طلباته او دائما الى خيالات في آرائه وتنظيراته، كثير من الناس صاحب تنظيرات وصاحب خيالات، وهؤلاء يبتعدون عن الوسطية المرادة، لان الوسطية والاعتدال تؤثر في حياة الناس وهذا واقع ملموس وهذا يعني ان تراعى في ذلك القدرات والامكانات سواء كانت قدرات الافراد، او قدرات المجتمع، او قدرات الدولة الخاصة بالبلد ام القدرات المتعلقة بالاوضاع العالمية، كذلك من سمات الوسطية والاعتدال ان فيها مراعاة للزمن، والناس فالزمن يتغير والناس ايضا يحتاجون الى تجدد باعتبار الزمن وباعتبار التغير. فمحافظتهم على المنهج الوسط هذا يقتضي ان تكون هناك مراعاة لاختلاف الازمنة ولاختلاف الامكنة ولاختلاف الناس ولهذا نص اهل العلم على ان الفتوى تختلف باختلاف الزمان والمكان والوقائع والاحوال والناس.
لماذا نذهب الى الوسطية ؟ هل هو لعلاج مشكلة قامت ام هو لاجل ايجاد حلول لمشكلات ام لغير ذلك؟ نختار الوسطية والاعتدال لان الله - جل وعلا - امر بها وامر بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهي مأمور بها ويجب على الناس ان يمتثلوا المأمور وان يجتنبوا ما لم يؤمر به في المناهج والافكار، ثم لان الوسطية حق ولان غيرها باطل، ولان الوسطية وهذا هو العامل الثالث بريئة من الاهواء فغالبا يكون طرفا الجهتين اما الغلو وإما الجفاء، إما التفريط واما الافراط يكون ثم هوى يحركه، اما الوسط والاعتدال المبني على العدل والحق فإنه يبرأ من الهوى والهوى مأمور ان نبرأ منه وان نسعى في تجنب أثره على النفس في الفكر والحكم والتحاكم قال الله - جل وعلا - : (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه) ، والرابع كون الوسطية والاعتدال موصلة الى تحقيق مقاصد الشريعة في الدين والدنيا، معلوم أننا نحتاج لتحقيق الشريعة أن نرعى مقاصد الشريعة وأن نحقق مقاصد الشريعة في الناس، فالشريعة جاءت لتحكم في الناس ولتكون حياة الناس على ضوئها، ولم تأت الشريعة لتكون نظريات يباهى بها او تكون خيالات للناس يفتخرون بها دون ان تكون تطبيقا لواقع، تطبيقا في الواقع باحكامها ومثلها وعقائدها، لذلك فالوسطية والاعتدال على نحو ما ذكرنا موصلة الى تحقيق مقاصد الشريعة في الدين وفي الدنيا ايضا.


هل اعجبك الموضوع :
التنقل السريع