أحكام السواك
وخصال الفطرة
مقدمة :
الحمد لله
الذي شرع لنا ما يقربنا إليه ويدنينا ، ونهج لنا من الطرق ما يكفينا عن غيرها
ويغنينا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مليكنا وناصرنا وهادينا ،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بعثه الله بالهدى ودين الحق شرعة وتوحيداً وديناً ،
اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان أفضل الناس أخلاقاً
وأعمالاً وعلماً ويقيناً . . وبعد :
كل يوم تجد
الباعة يعرضون هذه السنة على أهل السنة ، ويا للأسف نجد كثيراً من أهل السنة وهم
يمتنعون عن شراء السواك ، ومنهم من يفاصل في سعره ، وينقص من ثمنه ، لعدم معرفة
أهميته ، ومكانته ، بينما . . .
لا يفاصل
فيه أحد أبداً ، يُدفع ثمنه فوراً وحالاً ، مع ما فيه من الأمراض والأخطار ، وكأن
العكس هو الصحيح ، فانظر يا رعاك الله كيف اختلطت لديهم السنة بضدها ، فالدخان
حرام بإجماع العلماء والأطباء .
أما السواك
فهو سنة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ، فيه طاعة له ، وفيه دليل على محبته ،
والتزام سنته ، فيا الله من يفرط في هذا الفضل ، ومن يفرط في هذه الخلة ، ويأبى تلك الخصلة ؟
أجيبوا
معاشر المسلمين .
أجيبوا يا
أتباع محمد صلى الله عليه وسلم .
فالسواك من
خصال الفطرة ، ومن سنن المرسلين ، وهدي النبيين ، عن عائشة رضي الله عنها قالت :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عَشرٌ من الفطرة : قَصُّ الشارب،
وإِعفاء اللحية ، والسواكُ ، واستنشاق الماء ، وقَصُّ الأظفار ، وغسل البَرَاجِمِ
، ونتف الإِبْط ، وحلق العانة ، وانتقاص الماء " قال مصعب بن شيبة _ من رواة
الحديث : ونسيت العاشرة ، إِلا أن تكون : المضمضة " قال وكيع : انتقاص الماء
: يعني الاستنجاء [ أَخرجه مسلم ، والترمذي، وأبو داود ، والنسائي ] .
وجاء حديث
مختلف في صحته عَنْ أَبِى أَيُّوبَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم : " أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ : الْحَيَاءُ ، وَالتَّعَطُّرُ
، وَالسِّوَاكُ ، وَالنِّكَاحُ " [ رواه الترمذي وغيره وقَالَ الترمذي : حَدِيثٌ
حَسَنٌ غَرِيبٌ ] .
قال في
البدر المنير : " قَدْ ذُكِرَ فِي السِّوَاكِ زِيَادَةٌ عَلَى مِائَةِ
حَدِيثٍ فَوَا عَجَبًا لِسُنَّةٍ تَأْتِي فِيهَا الْأَحَادِيثُ الْكَثِيرَةُ ،
ثُمَّ يُهْمِلُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ، بَلْ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ ،
فَهَذِهِ خَيْبَةٌ عَظِيمَةٌ " [ سبل السلام 1/175 ] .
تعريفات
:
تعريف
السواك :
السَّوْكُ :
فِعلُك بالسِّواك والمِسْواكِ .
وساك
الشيءَ سَوكاً : دَلَكه ، واسْتاكَ : مشتق من ساكَ ، وإذا قلت اسْتاك أَو تَسَوَّك
فلا تذكر الفم ، واسمُ العُود : وقيل المِسْواكُ يُذَكَّرُ ويؤنث ، قال أَبو منصور
: ما سمعت أَن السواك يؤنث .
والسِّواك
ما يُدْلَكُ به الفم من العيدان ، والسِّواكُ كالمِسْواك والجمع سُوُكٌ [ لسان
العرب 10/ 446 ] .
والاستياك
لغة : مصدر استاك .
واستاك :
نظف فمه وأسنانه بالسواك ، ومثله تسوك .
ولفظ
السواك يطلق ويراد به الفعل ، ويطلق ويراد به العود الذي يُستاك به ، ويسمى أيضاً
المسواك
ولا يخرج
المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي [ الموسوعة الفقهية 4/136 وما بعدها ، والمجموع
1/326 ] .
السواك :
بكسر السين ، ويطلق السواك على الفعل وهو الاستياك ، وعلى الآلة التي يستاك بها ،
ويقال في الآلة أيضا : مسواك بكسر الميم ، يقال : ساك فاه يسوكه سوكا .
والسواك
مذكر ، نقله الأزهري عن العرب ، قال : وغلط الليث بن المظفر في قوله : أنه مؤنث ،
وذكر صاحب المحكم أنه يؤنث ويذكر ، لغتان . قالوا : وجمعه سوك بضم السين والواو
ككتاب وكتب ، ويخفف بإسكان الواو ، وربما همز فقيل سؤاك .
والسواك
مشتق من ساك الشيء إذا دلكه . وقيل : أنه مشتق من التساوك ، يعني التمايل ؛ يقال :
جاءت الإبل تتساوك ، أي تتمايل في مشيتها .
والصحيح :
أنه من ساك إذا دلك .
السواك في
اصطلاح الفقهاء :
عرف
الفقهاء السواك بتعريفات متقاربة :
فعرفه
الحنفية : أنه اسم لخشبة معينة للاستياك [ البحر الرائق 1 / 21 ، عمدة القاري 3 /
184 ، شرح فتح القدير 1 / 24 ] .
وعرفه
المالكية : أنه استعمال عود أو نحوه في الأسنان لإذهاب الصفرة والريح [ مواهب
الجليل 1 / 264 ، أوجز المسالك إلى موطأ مالك 1 / 368 ] .
وعرفه
الشافعية والحنابلة : أنه استعمال عود أو نحوه في الأسنان لإذهاب التغير ونحوه [ المجموع
1 / 270 ، مغني المحتاج 1 / 55 ، المبدع 1 / 68 ، كشاف القناع 1 / 70 ] .
حكم السواك :
اختلف
العلماء في حكمه إلى قولين :
القول
الأول : وجوبه .
القول
الثاني : استحبابه .
والراجح :
أنه سنة وطاعة [ فتاوى العلامة ابن باز رحمه الله 29/26 ] .
فهو سنة
عند جماهير العلماء ، وقد حكى النووي رحمه الله إجماع من يعتد برأيهم من العلماء
عامة على أنه مندوب إليه [ الموسوعة الفقهية 4/137 ، سبل السلام 1/176 ، المجموع
1/327 ] .
والدليل
على سنية السواك حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى
أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ " [ متفق عليه ] .
فقوله صلى
الله عليه وسلم : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم . . . " يدل على أنه
ليس بواجب ، لأنه لو كان واجباً لشق عليهم .
ولا يدل
على أنه ليس بمسنون ، أو ليس مأموراً به ، بل لولا المشقة لكان واجباً لأهميته [
الشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين رحمه الله 1/147 ] .
فانتبه
أيها المسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان رحيماً بأمته رءوفاً بهم عطوفاً
عليهم ، لا يريد لها المشقة ، بل يريد اليسر والسهولة ، ولهذا كان يحب بعض الأشياء
ثم يتركها خوفاً أن يشق ذلك على أمته .
ومن ذلك
الحديث السابق ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يحب السواك ومن شدة حبه له كاد أن
يأمر الأمة به مع كل وضوء ، لكنه وجد بأن ذلك يشق على الأمة فلم يأمر به مع كل
وضوء ، لكنه حثهم على ذلك من غير أمر .
الإسلام
دين نظافة يريد النظافة ، ويسعى لطيب الرائحة عموماً ، والفم خصوصاً ، فشرع للأمة
السواك ، لأنه من وسائل نظافة الفم ، فياله من دين عظيم ، يسعى لكل ما ينفع المسلم
في دنياه وأخراه ، فتمسكوا بدينكم ، والتزموا هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم تهتدوا
وتنتصروا ، تمسكوا بهما ، وعضوا عليهما بالنواجذ تفوزوا وتفلحوا وتصلح أحوالكم في
العاجل والآجل .
روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ; أن
النبي صلى الله عليه وسلم ; قال: السواك مطهرة للفم مرضاة للرب رواه أحمد وغيره.
الأفضل في السواك :
الْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ السِّوَاكُ عُودَ
أَرَاكٍ مُتَوَسِّطًا ، لَا شَدِيدَ الْيُبْسِ ، فَيَجْرَحُ اللِّثَةَ ، وَلَا
شَدِيدَ الرُّطُوبَةِ ، فَلَا يُزِيلُ مَا يُرَادُ إزَالَتُهُ [ سبل السلام 1/177
] .
فيكون التَّسوُّك بعُود ، والعود يدخل فيه كلُّ
أجناس العيدان ؛ سواء كانت من جريد النَّخل ، أو من عراجينها ، أو من أغصان العنب
أو من غير ذلك ، فهو جنس شامل لجميع الأعواد ، وما بعد ذلك من القُيود فإنها فصولٌ
تُخرِجُ بقيةَ الأعواد .
وثبت في " الصحيحين " عن أبي هريرة
رضي الله عنه ; قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس من الفطرة: الاستحداد،
والختان، وقص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر.
وفي " الصحيحين " أيضا عن ابن
عمر رضي الله عنهما مرفوعا: أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى.
من هذه الأحاديث وما جاء بمعناها أخذ الفقهاء
الأحكام التالية:
مشروعية السواك، وهو استعمال عود أو نحوه
في الأسنان واللثة، ليذهب ما علق بهما من صفرة ورائحة. وقد ورد أنه من سنن المرسلين
; فأول من استاك إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه
مطهرة للفم ; أي: منظف له مما يستكره، وأنه مرضاة للرب ; أي: يرضي الرب تبارك وتعالى،
وقد ورد في بيانه والحث عليه أكثر من مائة حديث، مما يدل على أنه سنة مؤكدة، حث الشارع
عليه، ورغب فيه، وله فوائد عظيمة، من أعظمها وأجمعها ما أشار إليه في هذا الحديث: أنه
مطهرة للفم مرضاة للرب. ويكون التسوك بعود لين من أراك أو زيتون أو عرجون أو غيرها
مما لا يتفتت ولا يجرح الفم.
ويسن السواك في جميع الأوقات، حتى للصائم
في جميع اليوم، على الصحيح، ويتأكد في أوقات مخصوصة ; فيتأكد عند الوضوء ; لقوله صلى
الله عليه وسلم: لولا أن أشق على أمتي ; لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء فالحديث يدل على
تأكد استحباب السواك عند الوضوء ويكون ذلك حال المضمضة ; لأن ذلك أبلغ في الإنقاء وتنظيف
الفم، ويتأكد السواك أيضا عند الصلاة فرضا أو نفلا ; لأننا مأمورون عند التقرب إلى
الله أن نكون في حال كمال ونظافة ; إظهارا لشرف العبادة، ويتأكد السواك أيضا عند الانتباه
من نوم الليل أو نوم النهار ; لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل ; يشوص
فاه بالسواك، والشوص: الدلك، وذلك لأن النوم تتغير معه رائحة الفم ; لتصاعد أبخرة المعدة،
والسواك في هذه الحالة ينظف الفم من آثارها، ويتأكد السواك أيضا عند تغير رائحة الفم
بأكل أو غيره، ويتأكد أيضا عند قراءة قرآن ; لتنظيف الفم وتطييبه لتلاوة كلام الله
عز وجل.
وصفة التسوك أن يمر المسواك على لثته وأسنانه
; فيبتدئ من الجانب الأيمن إلى الجانب الأيسر، ويمسك المسواك بيده اليسرى.
ومن المزايا التي جاء بها ديننا الحنيف خصال
الفطرة التي مر ذكرها في الحديث، وسميت خصال الفطرة ; لأن فاعلها يتصف بالفطرة التي
فطر الله عليها العباد، وحثهم عليها، واستحبها لهم ; ليكونوا على أكمل الصفات وأشرفها،
وليكونوا على أجمل هيئة وأحسن خلقة..
وهي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء
واتفقت عليها الشرائع، وهذه الخصال هي:
1 - الاستحداد: وهو حلق العانة، وهي الشعر
النابت حول الفرج، سمي استحدادا ; لاستعمال الحديدة فيه، وهي الموسى، وفي إزالته تجميل
ونظافة ; فيزيله بما شاء من حلق أو غيره.
2- الختان: وهو إزالة الجلدة التي تغطي الحشفة
حتى تبرز الحشفة، ويكون زمن الصغر ; لأنه أسرع برأ، ولينشأ الصغير على أكمل الأحوال.
ومن الحكمة في الختان تطهير الذكر من النجاسة المتحقنة في القلفة وغير ذلك من الفوائد.
3- قص الشارب وإحفاؤه وهو المبالغـة في قصه
; لما في ذلك من التجميل والنظافة ومخالفة الكفار. وقد وردت الأحاديث في الحث على قصه
وإحفائه وإعفاء اللحية وإرسالها وإكرامها ; لما في بقاء اللحية من الجمال ومظهر الرجولة،
وقد عكس كثير من الناس الأمر ; فصاروا يوفرون شواربهم ويحلقون لحاهم أو يقصونها أو
يحاصرونها في نطاق ضيق ; إمعانا في المخالفة للهدي النبوي، وتقليدا لأعداء الله ورسوله،
ونزولا عن سمات الرجولة والشهامة إلى سمات النساء والسفلة، حتى صدق عليهم قول الشاعر:
يقضى على المرء في أيام محنته حتى يرى حسنا
ما ليس بالحسن
وقول الآخر:
ولا عجب أن النساء ترجلت ولكن تأنيث الرجال
عجيب
4- ومن خصال الفطرة: تقليم الأظافر، وهو
قطعها ; بحيث لا تترك تطول ; لما في ذلك من التجميل وإزالة الوسخ المتراكم تحتها، والبعد
عن مشابهة السباع البهيمية، وقد خالف هذه الفطرة النبوية طوائف من الشباب المتخنفس
والنساء الهمجيات ; فصاروا يطيلون أظافرهم ; مخالفة للهدي النبوي، وإمعانا في التقليد
الأعلى.
5- ومن خصال الفطرة: نتف الإبط - أي: إزالة
الشعر النابت في الإبط -، فيسن إزالة هذا الشعر بالنتف أو الحلق أو غير ذلك، لما في
إزالة هذا الشعر من النظافة وقطع الرائحة الكريهة التي تتضاعف مع وجود هذا الشعر.
أيها المسلم ! هكذا جاء ديننا بتشريع هذه
الخصال ; لما فيها من التجمل والتنظف والتطهر ; ليكون المسلم على أحسن حال وأجمل مظهر
; مخالفا بذلك هدي المشركين، ولما في بعضها من تمييز بين الرجال والنساء ; ليبقى لكل
منهما شخصيته المناسبة لوظيفته في الحياة، لكن ; أبى كثير من المخدوعين، الذين يظلمون
أنفسهم، فأبوا إلا مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم، واستيراد التقاليد التي لا تتناسب
مع ديننا وشخصيتنا الإسلامية، واتخذوا من سفلة الغرب أو الشرق قدوة لهم في شخصيتهم
; فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، بل استبدلوا الخبيث بالطيب، والكمال بالنقص
; فجنوا على أنفسهم وعلى مجتمعهم، وجاءوا بسنة سيئة، باءوا بإثمها وإثم من عمل بها
تبعا لهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
عن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله
صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْلا أنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي- أَوْ عَلَى النَّاسِ-
لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ». متفقٌ عَلَيْهِ.
السواك سنة بالإجماع. وهو مشروع في كل وقت،
ويتأكَّد عند الصلاة، والوضوء، وقراءة القرآن، والانتباه من النوم، وتغير الفم.
قوله: «لأمرتهم» يعني أمر إيجاب. وللنسائي:
«لفرض عليهم السواك مع كل وضوء».
وعن حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قال: كَانَ
رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِن الليل يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ. متفقٌ
عَلَيْهِ.
«الشَّوْصُ»: الدَّلْكُ.
في هذا الحديث: استحباب السواك عند القيام
من النوم؛ لأنه مقتضي لتغير الفم لما يتصاعد إليه من أبخرة المعدة. والسواك آلة تنظيفه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كُنَّا نُعِدُّ
لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ، فَيَبْعَثُهُ اللهُ مَا شَاءَ
أنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ، وَيَتَوضَّأُ وَيُصَلِّي. رواه مسلم.
في هذا الحديث: مشروعية السواك قبل الوضوء.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله
صلى الله عليه وسلم: «أكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ في السِّوَاكِ». رواه البخاري.
فيه: الترغيب في السواك، لمبالغته صلى الله
عليه وسلم في بيان فضله.
وعن شريح بن هانئٍ، قَالَ: قلت لعائشة رضي
اللهُ عنها: بأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَبْدَأُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ
بَيْتَهُ؟ قالت: بِالسِّوَاكِ. رواه مسلم.
فيه: ندب السواك عند دخول المنزل.
وعن أَبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
دَخلتُ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَطَرَفُ السِّوَاكِ عَلَى لِسَانِهِ. متفقٌ
عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلمٍ.
في رواية: أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم
وهو يستاك بسواك رطب. قال: وطرف السواك على لسانه وهو يقول: «أع أع»، والسواك في فيه
كأنه يتهوع.
قال الحافظ: ويستفاد منه مشروعية السواك
على اللِّسان طولًا، أما الأسنان فالأحب فيها أن تكون عرضًا.
وفيه: تأكيد السواك، وأنه لا يختص بالأسنان،
وأنه من باب التنظيف والتطيب، لا من باب إزالة القاذورات، لكونه صلى الله عليه وسلم
لم يختف به، وبَوَّبُوا عليه استياك الإمام بحضرة رعيته.
وعن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى
الله عليه وسلم قَالَ: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ للرَّبِّ». رواه
النسائي وابنُ خُزَيْمَةَ في صحيحهِ بأسانيدَ صحيحةٍ. وذكر البخاري رحمه الله في صحيحه
هذا الحديث تعليقًا بصيغة الجزم وقال: وقالت عائشة رضي الله عنها.
في هذا الحديث: فضل السواك، وفي السواك فوائد
دينية ودنيوية. وذكر بعض العلماء، أن السواك يورث السعة والغنى، ويطيب النهكة، ويشد
اللثة، ويسكن الصداع، ويذهب وجع الضرس.
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم قَالَ: «الفِطْرَةُ خَمْسٌ، أَوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ: الخِتَانُ،
وَالاسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الأظْفَارِ، وَنَتْفُ الإبطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ».
متفقٌ عَلَيْهِ.
«الاستحْدَادُ»: حَلقُ العَانَةِ، وَهُوَ
حَلْقُ الشَّعْرِ الَّذِي حَولَ الفَرْجِ.
الفطرة: الجِبِلَّة التي خلق الله الناس
عليها، وجبل طباعهم عليها والمراد هنا: السنَّة القديمة التي اختارها الأنبياء.
والحصر في قوله: «الفطرة خمسٌ» مبالغة لتأكيد
أمر الخمس المذكورة. كقوله: «الدين النصيحة»، و«الحج عرفة».
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قَالَ رسول
الله صلى الله عليه وسلم: «عَشْرٌ مِنَ الفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإعْفَاءُ اللِّحْيَةِ،
وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ المَاءِ، وَقَصُّ الأظْفَارِ، وَغَسْلُ البَرَاجِمِ،
وَنَتف الإبْطِ، وَحَلْقُ العَانَةِ، وَانْتِقَاصُ المَاءِ» قَالَ الرَّاوِي: وَنَسِيْتُ
العَاشِرَةَ إِلا أنْ تَكُونَ المَضمَضَةُ. قَالَ وَكِيعٌ- وَهُوَ أحَدُ رُواتِهِ-
انْتِقَاصُ المَاءِ: يَعْنِي الاسْتِنْجَاءِ. رواه مسلم.
«البَرَاجِم» بالباء الموحدةِ والجِيم: وهي
عُقَدُ الأَصَابِعِ، وَ«إعْفَاءُ اللِّحْيَةِ» مَعْنَاهُ: لا يَقُصُّ مِنْهَا شَيْئًا.
قال العلماء: ويكره في اللِّحية خصال، بعضها
أشد قبحًا من بعض: خضابها بالسواد، وتبييضها بالكبريت، ونتفها وتصفيفها طاقة فوق طاقة،
والزيادة فيها، والنقص منها بالزيادة في شعر العذارين من الصدغين، أو أخذ بعض العذار
في حلق الرأس، وعقدها، وضفرها، وحلقها.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى
الله عليه وسلم قَالَ: «أحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى». متفقٌ عَلَيْهِ.
قوله: «أحفوا الشوارب». قال النووي: أي:
أحفوا ما طال منها على الشفتين، و«أعفوا اللِّحى»، أي: وفروا.
قال النووي: حصل من مجموع روايات هذا اللفظ
في الصحيحين خمس روايات: «أعفوا»، و«أوفوا»، و«أرخوا»، و«أرجوا»، و«وفروا». ومعناها
كلها: تركها على حالها.
وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: «من لم يأخذ من شاربه فليس منا». رواه أحمد، والنسائي، والترمذي.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: «جزُّوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى
الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين وفِّروا اللِّحى، وأحفوا الشوارب». متفق عليه. وكان
ابن عمر إذا حجَّ أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه.
وعن عائشة رضي الله عنها، أنَّ النبي صلى
الله عليه وسلم أبصر رجلًا وشاربه طويل، فقال: «ائتوني بمقص وسواك»، فجعل السواك على
طرفه ثم أخذ ما جاوزه.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (وقَّت
لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وحلق
العانة، أن لا تترك أكثر من أربعين ليلة). رواه الخمسة إلا ابن ماجة.
ما يمنع الاستياك به :
كل ما يسبب
ضرراً على الفم والأسنان واللثة ، وما كان سبباً للألم والضرر فهو ممنوع استعماله
، لأن دين الإسلام دين رحمة ويسر ، منع العسر ومنع الضرر ، قال تعالى : { وَلا
تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِينَ } [ البقرة 195 ] .
وقال تعالى
: { وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } [ النساء
29 ] .
وقال
سبحانه وتعالى : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } .
عَنْ أَبِى
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
" لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ " [ رواه أحمد وغيره وهو حديث حسن ] .
قال ابن
عبد البر رحمه الله : " وكل ما جلا الأسنان ولم يؤذها ولا كان من زينة النساء
فجائز الاستنان به " [ التمهيد 2/468 ] .
ويستحب أن
لا يستاك بعود لين لا يقلع القلحة ، ولا يزيل الرائحة ، ولا بعود يابس يجرح اللثة .
وقيل يكره
الاستياك بالريحان والقصب ؛ لأنهما كما قيل يسببان بعض الأمراض [ حاشية ابن عابدين
1 / 115 ] .
وذكر ابن
قدامة رحمه الله كراهة الاستياك بأعواد الريحان والآس والأعواد الذكية [ المغني 1
/ 136 ، 137 ]
وذكر بعض
العلماء أيضا كراهة الاستياك بأعواد التبن والقصب والأشنان والحلفة ، وكل ما جهل
أصله من الأعواد [ طرح التثريب 2 / 68 ،
المبدع 1 / 102 ] .
قال ابن القيم رحمه الله : " ولا
ينبغي أن يؤخذ من شجرة مجهولة فربما كانت سماً " [ الطب النبوي ص 322 ] .
متى يتأكد السواك :
هناك أحوال
يتأكد فيها استعمال السواك وهي :
الأول / عند القيام إلى الصلاة :
وسواء كانت
صلاة فرض أو نفل ، وسواء صلى بطهارة ماء أو تيمم أو بغير طهارة كمن لم يجد ماء ولا
تراباً وصلى على حسب حاله .
الثاني / عند اصفرار الأسنان :
ودليله
حديث السواك مطهرة للفم .
الثالث / عند الوضوء :
ودليله حديث
أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لو لا أن
اشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء " [ وهو حديث صحيح رواه ابن خزيمة
والحاكم في صحيحهما وصححاه وأسانيده جيدة وذكره البخاري في صحيحه في كتاب الصيام
تعليقا بصيغة جزم ] .
الرابع / عند قراءة القرآن :
ذكره
الماوردي والروياني وصاحب البيان والرافعي وغيرهم .
الخامس / عند تغير رائحة الفم :
وتغير
رائحة الفم قد يكون بالنوم ، وقد يكون بأكل ما له رائحة كريهة ، وقد يكون بترك الأكل
والشرب ، وبطول السكوت ، وقيل : قد يكون أيضاً بكثرة الكلام .
وبعد
الفراغ من الطعام ، مع أنه لم ترد بذلك سنة ، إلا أنه من المواضع المهمة التي
ينبغي أن يُستعمل فيه السواك للتنظيف وتطييب رائحة الفم بعد الأكل .
السادس / عند دخول البيت :
في صحيح
مسلم عن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلي الله عليه وسلم كان إذا دخل بيته بدأ
بالسواك " [ المجموع 1/328 ] .
وذلك للقاء
الأهل والاجتماع بهم .
السابع / عند القيام من الليل :
أَخْرَجَ
الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ
يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ " .
وَفِي
لَفْظٍ : إذَا قَامَ لِيَتَهَجَّدَ .
الثامن / عند الخروج إلى الصلاة :
أَخْرَجَ
الطَّبَرَانِيُّ فِي " مُعْجَمِهِ " عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ ، قَالَ : " مَا كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ لِشَيْءٍ مِنْ
الصَّلَوَاتِ حَتَّى يَسْتَاكَ " .
التاسع / يوم الجمعة :
ودليل ذلك حَدِيثُ
أَبِي سَعِيدٍ : " الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ ، وَأَنْ يَسْتَنَّ
، وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ " [ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ] .
العاشر / عند دخول المسجد :
لأن ذلك من
كمال النظافة ، واتخاذ الزينة عند دخول المسجد ، ولما فيه من حضور الملائكة ،
واجتماع الناس ، فكان مناسباً استعمال السواك في هذا المكان الطيب الطاهر المبارك
.
السواك والصيام :
اختلف
العلماء في حكم السواك للصائم :
فمنهم من
قال بجوازه للصائم قبل الزوال ، وممنوع منه بعد الزوال .
ومنهم من
قال بجوازه قبل وبعد الزوال وهو الصحيح والظهر من أقوال العلماء رحمهم الله تعالى
وعفا عنا وعنهم بمنه وكرمه .
قال الشيخ
العلامة / محمد بن عثيمين رحمه الله : " والراجح أن السواك سنة حتى للصائم
قبل الزوال وبعده ، ويؤيده حديث عامر بن ربيعة والذي ذكره البخاري تعليقاً بصيغة
التمريض : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مالا أحصي يتسوك وهو صائم
" [ حديث ضعيف ] [ الشرح الممتع 1/151 ] .
وقال
الألباني رحمه الله تعالى بعد أن ذكر ضعف الأحاديث المانعة للصائم من السواك بعد
الزوال ، قال : " والأدلة عامة في مشروعية السواك وهي تشمل الصائم في أي وقت ،
وما أحسن ما روى الطبراني عن عبد الرحمن بن غنم قال : سألت معاذ بن جبل : أتسوك
وأنا صائم ؟ قال : نعم قلت : أي النهار ؟ قال : غدوه أو عشية . قلت : إن الناس
يكرهونه عشية ويقولون : إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : لخلوف فم
الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ؟ قال : سبحان الله لقد أمرهم بالسواك وما كان
بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمداً ، ما في ذلك من الخير شيء بل فيه شر "
[ إرواء الغليل 1/ 106 ] .
والصحيح
جواز السواك للصائم قبل الزوال وبعده ، وهو قول عامة العلماء ، وأما ما علل به من
منعوا السواك بعد العصر لأن السواك يقطع خلوف فم الصائم رد عليهم ابن القيم من ستة
أوجه :
1 - أن
المضمضة أبلغ من السواك في قطع خلوف الفم ، وقد أجمع على مشروعيتها للصائم .
2 - أن
رضوان الله أكبر من استطابته لخلوف فم الصائم .
3 - أن
محبته للسواك أعظم من محبته لبقاء خلوف فم الصائم .
4 - أن
السواك لا يمنع طيب الخلوف _ الذي يزيله السواك _ عند الله يوم القيامة .
5 - أن
الخلوف لا يزول بالسواك ؛ لأن سببه قائم ، وهو خلو المعدة من الطعام .
6- أن
النبي صلى الله عليه وسلم علم أمته ما يستحب وما يكره لهم في الصيام ، ولم يجعل
السواك من المكروه [ زاد المعاد 4 / 323 ، 324 ] .
فالسواك
سنة للصائم ، سواء كان ذلك قبل الزوال أو بعده ، لعموم قول النبي صلى الله عليه
وسلم : " السواك مطهرة للفم مرضاة للرب " وجميع الأحاديث الواردة في
السواك ليس فيها ما يدل على استثناء الصائم ، وعلى هذا فهو سنة للصائم ولغيره ،
لكن إذا كان للسواك طعم أو كان يتفتت ، فإنه لا ينبغي للصائم استعماله ، لا لأنه
سواك ، ولكن لما يخشى من وصول الطعم إلى جوفه ، أو من نزول ما يتفتت منه إلى جوفه ،
فإذا تحرز ولفظ الطعم ، ولفظ المتفتت فليس في ذلك شيء .
فالسواك
سنّة للصائم في جميع النهار وإن كان رطباً ، وإذا استاك وهو صائم فوجد حرارة أو
غيرها من طَعْمِه فبلعه أو أخرجه من فمه وعليه ريق ثم أعاده وبلعه فلا يضره [
الفتاوى السعدية 245 ] .
ويجتنب ما
له مادة تتحلل كالسواك الأخضر ، وما أضيف إليه طعم خارج عنه كالليمون والنعناع ،
ويُخرج ما تفتت منه داخل الفم ، ولا يجوز تعمد ابتلاعه فإن ابتلعه بغير قصده فلا
شيء عليه . والله أعلم .
صفات السواك :
ذكر
الفقهاء استحباب السواك بعود متوسط الغلظ والطول ، وحدوه بغلظ الخنصر ، وأن يكون
خالياً من العُقَد ، وأن لا يكون رطباً يلتوي لأنه إذا كان كذلك فلا يزيل الأذى ،
وأن لا يكون يابساً يجرح الفم أو يتفتت فيه ، ولا شك أن تطلب ذلك من باب الكمال
وإلا فإن الأدلة الواردة في السواك لم تقيد سواكاً دون آخر بل يجوز الاستياك بكل
عود يحقق مقصود الشارع في الأمر بالسواك والحث عليه [ الموسوعة الفقهية 4/141 ] .
السواك والوضوء :
عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي
لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ _ عند _ كُلِّ وُضُوءٍ " [ متفق عليه ] .
الحديث فيه
الدلالة على الحث على السواك عند الوضوء ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم يرغب
الأمة بأن يستاكوا عند كل وضوء ، يعني قبل البداءة في الوضوء .
فإذا أراد
المسلم أن يتوضأ فإنه يبدأ بالسواك ثم يتمضمض ، ليكون هذا أبلغ في تنظيف الفم ،
وتطييب رائحته ، فالتسوك يكون قريباً من البداءة بالوضوء لأنه من سننه [ تسهيل
الإلمام 1/109 ] .
وقد سئل
العلامة ابن عثيمين رحمه الله في لقاءات الباب المفتوح هذا السؤال :
بالنسبة
للسواك عند الوضوء ، في أي مكان يستخدم هل هو قبل الوضوء أو أثناء الوضوء ؟
الجواب :
السواك في الوضوء سنة ، قال النبي عليه الصلاة والسلام : " لولا أن أشق على
أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء " قال أهل العلم : ومحله عند المضمضة ؛ لأن
المضمضة هي التي يكون بها تطهير الفم ، فيكون عند المضمضة ، فإن لم يتيسر له ذلك
فبعد الوضوء ، والأمر في هذا واسع .
السواك والصلاة :
والمقصود
بهذه النقطة متى يستاك المصلي إذا أقيمت الصلاة ؟ هل يكون الاستياك أثناء الإقامة
، أم بعد الإقامة ، وقبل التكبير ؟
وهذا ما
يُشكل على الكثيرين .
عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : "
لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ
صَلاةٍ " [ متفق عليه ] .
وتأمل كلمة
: " عند كل صلاة " : يعني قرب الصلاة ، وكلما قربت من الصلاة كان أفضل .
لأن القائم
إلى الصلاة يقرأ القرآن ، ويذكر الله ، ويدعوه ، فاستحب له تطهير الفم لأنه مجرى
القرآن ولئلا يؤذي الملائكة والآدميين بريح فمه ، ولأن الله يحب المتطهرين [ شرح
العمدة في الفقه 1/219 ] .
والصلاة
بعد السواك أفضل منها قبله [ التمهيد 2/475 ] .
وعن زيد بن
خالد الجهني قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لولا أن أشق
على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " قال أبو سلمة : فرأيت زيداً يجلس في
المسجد وإن السواك من أذنه موضع القلم من أذن الكاتب ، فكلما قام إلى الصلاة استاك
[ صححه الألباني في صحيح أبي داود 1/ 11 ] .
ومن فتاوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 7/ 73 هذا السؤال :
س : أسمع
من يقول : أن السواك داخل المسجد لا يجوز فهل هذا صحيح ؟
ج : الحمد
لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه . . وبعد :
السواك سنة
، ويتأكد كلما دعت الحاجة إليه من وضوء وصلاة وقراءة قرآن وتغير فم ونحو ذلك ،
ويجوز فعله داخل المسجد وخارجه ، لعدم وجود نص يمنع منه داخل المسجد مع وجود
الداعي إليه ولعموم حديث : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل
صلاة " ، إلا أنه ينبغي ألا يبالغ فيه إلى درجة التقايئ وهو في المسجد خشية
أن يخرج منه قيء أو دم يلوث المسجد .
س : رجل
ترك السواك سهوا قبل الصلاة، فهل من السنة أن يتسوك في أثنائها ؟
ج : الحمد
لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه . . وبعد :
لا يشرع
للمصلي أن يتسوك وهو في صلاته، سواء ترك التسوك قبل الصلاة سهوا أو عمدا وإنما
يشرع السواك عند الدخول فيها قبل التكبير .
وسئل الشيخ
ابن جبرين وفقه الله هذا السؤال :
س : يعمد
بعض المصلين عند إقامة الصلاة إلى استعمال السواك الأمر الذي يثير روائح الفم وربما
ينزف دماً ، فهل هذا تطبيق للحديث الشريف : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم
بالسواك عند كل صلاة " .
ج : لا يُنكر هذا العمل ، بل هو محض
السنة كما دل عليه الحديث المذكور ، ولا عبرة بمن كرهه ، وليس بصحيح أنه يثير
روائح كريهة بل هو ينظف الفم ويطيب النكهة كما قال صلى الله عليه وسلم : "
السواك مطْهرة للفم مرضاة للرب " ، فأما خروج بعض الدم من الأسنان عند
الاستياك فليس بمبرر لتركه في المسجد وعند الصلاة ، لندرة ذلك وانقطاعه مع
الاستمرار والاعتياد لاستعمال السواك [ فتاوى إسلامية 1/222 ] .