أثر الحروب في تدمير البيئة
تتمثل آثر الحروب في تدمير البيئة بكافة الجوانب التالية والتي
تتضمن الماء، والغابات والنباتات، والهواء.
أثر الحروب على الماء
o
بعض الصناعات الحربية، وخاصة
المفاعلات النووية تعتمد بشكل مباشر على استخدام الماء، وتبديله كل فترة، والماء
المُستعمل يتم طرحه مرة أخرى في المصادر المائية القريبة، مما يؤدي إلى تلويث تلك
المياه بالمواد السامة والمشعة، وبالتالي تقضي على البيئة المائية.
o
بعض الغواصات والسفن الحربية
ترمي مخلفاتها الحربية في الماء، مما يؤدي لتلويث المياه وقتل الكائنات البحرية من
أسماك وغيرها.
o
قد تصل المواد الكيميائية
والسامة الناجمة عن الحروب بفعل الأمطار إلى المياه الجوفية، وعند عودتها مرة أخرى
للإنسان تكون قد تلوثت مسبقاً مما قد تُسبب الضرر له وللكائنات الحية الأخرى.
تأثير الحروب على الغابات والنباتات
o
إتلاف مساحات كبيرة وشاسعة من
الغطاء النباتي والغابات، كما حدث في الحرب العالمية الثانية في اليابان، وكما حدث
نتيجة الحرب الأمريكية على أفغانستان والعراق، وقطاع غزة الفلسطيني والحرب الأخيرة
على سوريا.
o
تحول الأراضي الزراعية إلى
أراضٍ صحراوية قاحلة لا يمكن استصلاحها على المدى القصير.
o
تلوث التربة جراء المواد
الكيميائية الموجودة في القنابل والصواريخ ومخلفاتها، مما يؤدي إلى تفكيكها وموت
الكائنات الحية الدقيقة الموجودة بداخلها، كما ان التربة تكون قد تعرضت لعمليات
إنجراف كبيرة وبالتالي تُصبح غير قابلة للزراعة.
تأثير الحروب على الهواء
o
الغازات السامة المنطلقة من
الأسلحة المختلفة تؤثر بشكل مباشر علىالهواء، من خلال انتشارها في الهواء،
وتأثيرها على الإنسان والكائنات الحية الأخرى حيث تصل لهم مع الأكسجين.
o
الإشعاعات النووية المنبعثة من
العناصر المُشعة في المفاعلات النووية تؤثر على الكائنات الحية القريبة من هذه
المفاعلات وترك تأثير كبير عليهم، تاركة ورائها طفرات وراثية خطيرة، وأمراض
سرطانية مُختلفة.
إذا تحدثنا عن تأثير الحروب على البيئة فإنه لابد أن نفرد فقرات كاملة
للعديد من الجوانب الهامة، وفي الواقع فإنه حتى لو أكثرنا من الحديث ووضعنا لك أهم
الحوادث والأرقام فإننا لن نستطيع تغطية الموضوع بالصورة الملائمة، فبغض النظر عن الجوانب
الأخرى التي تدمرها البيئة مثل الخسائر في الأرواح وتدمير البنية التحتية وغيرهما،
فإن الجانب البيئي يتعرض إلى كوارث تشمل كل الجوانب التي يمكن أن تتخيلها، بدايةً من
التأثير على الحياة البرية ومرورًا بتلوث الهواء والماء وحتى التأثير على الاحترار
العالمي، وهنالك الكثير من الأشياء التي سنتحدث عنها مثل صناعة الأسلحة وآثار الألغام
والمخلفات الخطرة التي تعتبر من مخاطر تأثير الحروب على البيئة ، ثم سنفرد فقرات خاصة
بأهم الحروب التي حدثت في القرن العشرين وتأثيرها البيئي، وفي النهاية سنذكر لك أهم
المعاهدات والمبادرات التي تمت من أجل الحد من المشكلة.
تعرف على أهم ملامح تأثير الحروب على البيئة
الآثار البيئية غير المباشرة للنزاعات والحروب
تأثير الحروب على البيئة لا يحدث بشكل مباشر، أي أن القوات المتنازعة
لا تستهدف أهداف معينة لتدمرها وتؤثر على البيئة، وقد تلعب الصدفة الدور الأكبر في
حدوث التأثير طالما أن الاحتمالات كثيرة، على سبيل المثال ما قامت به ألمانيا في الحرب
العالمية الثانية عندما أغرقت سفينة تابعة لقوات الحلفاء والتي كانت تحمل على متنها
مليون رطل من غاز الخردل، وهذه كارثة بيئية بالغة الخطورة ولعلها تكون من أبرز مخاطر
تأثير الحروب على البيئة ، لأن هذا الغاز السام انتشر في المياه المحيطة، وهذا يعني
أن تأثيره سيظل باقيًا لأربعة قرون على الأقل، وخلال الحرب بين قوات الحلفاء واليابان
تم تحطيم وإغراق أكثر من ألف سفينة، ومنهم سفن كانت تحمل المؤن والوقود، وقد غرقوا
كلهم في المحيط الهادئ، وهذا يعني حدوث تلوث على نطاق واسع ومستمر حتى يومنا هذا وحتى
السنين القادمة، وفي شهر يوليو من سنة 2001، أي بعد سبع وخمسين سنة على غرق السفن،
حدث إعصار في جزيرة قريبة من المنطقة الملوثة وأدى إلى انتشار التلوث على نطاق أوسع،
وضرب التلوث مناطق حيوية لصيد الحيوانات البحرية.
زرع الألغام والكوارث الناتجة
المخلفات الخطرة و تأثير الحروب على البيئة
المخلفات الخطرة التي تستخدم في تصنيع الأسلحة أيضًا من العوامل الأكثر
حضورًا في تأثير الحروب على البيئة ، ومن المعروف أن المخلفات الخطرة هي من الأشياء
التي يصعب على الإنسان التعامل معها، وهي بمثابة عبء علينا لا نستطيع إبعاده عن كاهلنا
إلا عبر إحداث ضرر، فالمخلفات يمكن أن تنتج عن عمليات عادية مثل عمليات الحرق وتجميع
الرماد، لذا فإن زيادة حجمها بسبب تصنيع الأسلحة سيسهم في زيادة حجم المشكلة، كما أن
الدول العظمى تلقي بعبء المخلفات الخطرة على الدول النامية والفقيرة مثل الصومال وهاييتي
وغيرهما، وفي السابق كان يتم إغراق هذه المخلفات بصورة دورية عبر دفع مبالغ مالية زهيدة
لحكومات الدول أو حتى عبر الخداع وتسريب المخلفات أثناء سير السفن، ولم تنقطع هذه الأفعال
إلا عند تفعيل اتفاقية بازل وتوقيع كل الدول العظمى عليها (باستثناء الولايات المتحدة
التي صدّقت على الاتفاقية لكن لم تفعلها).
صناعة الأسلحة
المصانع الحربية تزيد العبء على كاهلنا فيما يتعلق بالتلوث، بل أنها
قد تكون كوارث بيئية في بعض الحالات مثلما حدث في مصنع ذخيرة جولييت (JOAAP)، وهو مصنع أمريكي في مدينة إلوود التابعة لولاية
إلينوي، تم افتتاحه في سنة 1940 في خضم احتدام القتال أثناء الحرب العالمية الثانية،
وبعد انتهاء الحرب تم تعليق نشاط المصنع إلا أنهم أعادوا تشغيله بسبب الحرب الكورية
وحرب فيتنام، وقد أنتج المصنع كميات كبيرة من مادة الـ TNT المتفجرة والتي تسهم في تلوث
الهواء بصورة بالغة، لكن الكارثة الحقيقية وقعت في الساعة الثانية وخمس وأربعين دقيقة
صباحًا في الخامس من يونيو 1942 عندما انفجر خط إنتاج رئيسي في المصنع وتسبب في مقتل
48 عامل، وشعر السكان بالانفجار على بعد 97 كيلومتر شمالاً، ولولا التزام الحكومة بإنشاء
خطوط الإنتاج الرئيسية في أماكن منفصلة كانت الكارثة ستكون مضاعفة، والخسائر الاقتصادية
تزيد عن ثلاثين مليون دولار، أما التلوث فلم تصرح الحكومة بأية أرقام، لكننا نعرف بالطبع
مدى التأثير الفادح الذي يمكن أن يتسبب فيه انفجار مصنع لإنتاج المواد المتفجرة.
تأثير الحروب على البيئة قد يكون إيجابيًا في بعض الأحيان
في بعض الحالات الاستثنائية يكون تأثير الحروب على البيئة إيجابيًا،
كمثال نذكر المنطقة الكورية منزوعة السلاح والتي تقع بين كوريا الشمالية والجنوبية،
وقد تم الاتفاق بين الحكومتين على إنشاء المنطقة بعد إعلان وقف إطلاق النار عقب الحرب
الكورية بمساعدة الصين والأمم المتحدة في 1953، ويبلغ طولها 160 ميل وعرضها 2.5 ميل،
لذا فإنه منذ عقود لم يدخل أي مدني إلى المنطقة ولا يوجد إلا عدد محدود من قوات جيش
كل دولة للمراقبة فقط، ولا توجد أي أنشطة سارية، لذا فإن الحياة البرية نعمت بهدوء
كامل على مدار العقود الماضية وحتى يومنا هذا.